حوار مع صديقتي "البرجوازية"...

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 6 سنة 1 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

    في حوار مع صديقتي "البرجوازية" التي ولدت وفي فمها "ملعقة من ذهب" ..وعاشت حياتها على على طريقة ( Spoon Feeding) ...

    ذكرت لها قصة تلك "الفتاة" التي كانت تعيش في "دار الرعاية" ..ثم طلبت منها "دار الرعاية" المغادرة ..إلى حيث " لا مكان" ..وبلا شهادة ..ولا فرص عمل ..وجدت هذه الفتاة نفسها ..تعيش من "جسدها" ...وقصة الأخرى ..التي كان والدها يغتصبها ..فتزوجت هرباً عنه ..لتكتشف أن زوجها "قواد" ...فعاشت على ذلك ...

    صديقتي البرجوازية ..تصف هذه ب"العاهرة" ..لأن هناك "قيم أخلاقية" ..لا يجوز تجاوزها ..صديقتي التي لم تعرف معنى "الخوف" و "الشتات" , و "الجوع" , و "الفقر" وظلم ذوي القربى ..وخيانة "المجتمع" ..وعهر "ثقافته" ...تحاكم "الأخلاق" ضمن معيارها "الذاتي" الخالص ..وهي من يطلب من شخص أن يسمي بالله , وهو يشرب كأس الخمر الثامن ..أو كمن يُعلم شخص كيفية التنفس "الصحي" , وهو يغرق ..

    هي كذلك الشيخ المتزوج من "أربعة" ..ويأمر الشباب "بالعفة" ..الذين لسنوات يبحثون عن عمل ليستروا أنفسهم , ولم يجدوا ..

    وتذكرني "بالمليونير" ..الذي يطالب المعدمين الذين لا يجدون "الخبز" بالعفة ..أو بأكل "الكعك"!

    كل هؤلاء ينطلقون من مفاهيم "تجريدة" لا واقعية ..فالغرائز كحب البقاء ..سابقة في وجودها على "القيم" ..التي يدركها الإنسان في مرحلة لاحقة من حياته ..فيعرف هذا خطأ وهذا صح ..بينما الغرائز منذ خلقه ..وهي "معه" ..

    أننا حتى نطالب الآخرين بالأخلاق ..يجب أن نوفر مجتمعاً أخلاقياً ..يحقق لهم تلك "القيم" ..لا أن يتعهر "المجتمع" ..ويناوشهم على لقمة "عيشهم" ..ثم نقول لهم كونوا أخلاقيين ..

    أن ذلك الرجل الذي ذكرت قصته أحد الصحف ..وهو يعمل بــ 1800 ريال ..ولديه أربعة أبناء ..أحدهم مصاب "بالتوحد" ..وكيف أن فتاته تعود من كليتها ..مهشمة روحها ..من زميلاتها ..اللواتي يضحكن عليها ..ويجعلنها موضوع "تندر" ..لأنها لا تملك إلا هذا اللبس منذ بداية العام ...وكيف تبيت الأسرة جائعة في كثير من الليالي... وهو يتعرض دائماً "للرشاوي" ..ومع ذلك يحاول أن لا يأخذها ..هل من غير الأخلاق ..أن لا يأخذها ..ليعيش هو وأطفاله ..ويوفر لطفله العلاج ؟!..حينما تركته قوانين المجتمع , يواجه قدره لوحده ..
    الأخلاق وليدة ظروفها ...
    وسألتها : هل "الكفر" أمر أخلاقي ..
    قالت : لا ..!
    قلت مع ذلك أجاز الله أن يعلن "الإنسان" الكفر ..إذا اضطر لذلك ..
    سألتها : هل "السب" فعل أخلاقي ؟!
    قالت : لا ...!
    قلت الله يقول : ( لا يجب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) ..فهنا يرتبط العامل الأخلاقي بظرفيته "الموضوعية" ..
    هل سبق : وكذبتي أيتها البرجوازية الصغيرة
    قالت : نعم ..
    قلت هل هذا يعني أنك بلا أخلاق..
    أنكم أيها البرجوازيون لا تريدون فقط أن تنهبوا أموال الناس ..وإنما حتى أخلاقهم ..أنك لم تجربوا الجوع والقهر والظلم ..حتى تتحدثوا باسم "الأخلاق" ..
    أذكر قصة في أحد الصحف ..عن "لص" ..دخل بيت مواطن ..ووجد مبلغ "35ألف" ريال ..أخذ اللص 200ريال فقط ..ووضع رسالة : أعتذر والله أن اقتحمت منزلك ..ولكنه الجوع ..وأنين أطفالي ..لذلك أخذت ما يكفيني ..وحفظت مالك حتى لا يسرق في هذا المكان من غرفتك ..صاحب المال عبر الصحيفة : يعلن ..أنه سيعطي هذا "اللص" مبلغ خمسة ألاف ..لماذا ؟! مع أنه "سرق".. لأن "السرقة" ليست مقصودة بذاتها ..وإنما بدافعها "القاهر" ..نعم "السرقة" نعاقب عليها ..ولكن لا "نشتم" السارق ..إذا ما تبينت لنا حاجته ..وهو ما فعله الرسول حينما أمر بجلد أحد "الصحابة" الذين يشربون الخمر ..فقال شخص : لعنة الله ..فقال الرسول : أنه يحب الله ورسوله ...هنا الرسول عاقب "الفعل" ولم يعاقب "الفاعل" ولم يصفه "بالقذارة" ..ولا بما يهين إنسانيته ..لأن "الفعل" ربما يكون مدفوعاً بأمر خارج عن إرادة الإنسان ..وإذا كان , فلا يشوه هذا "الفعل" ذات الفاعل ..إذا كان دافعه "مبرر" لا سبيل إلى رده ..
    قالت "الصديقة" : فكرك مشوش ..!
    قلت : هذا دليل أن "الأخلاق" ترتب بظرفها , لا تجريدها ومثالها ..وإلا لكنتِ "قذرة" وغير أخلاقية على هذه الجملة الغير أخلاقية ..لأني اختلفت معك ..حينما تجعلين من "ذاتك" محور "الصح" و "الخطأ" ومحاكمة الناس ...أن هذه الفتاة التي لم تجد لقمة عيش شريفة ..لهي أشرف من تلك "الغنية" ..التي تنتقل من حضن رجل إلى حضن آخر ..لا "للجوع" و خيانة المجتمع , وغياب "العدالة" ..ونكران "القربى" ..وإنما من باب "التغيير" و التجربة ...أن تينك "النسوة" اللواتي يعشن بأجسادهن ..ما كن ليفعلن ذلك . لولا مأساة دفعتها لذلك .. دائماً هناك وجه "خفي" للحقيقة ...لا ينفذ له إلى من يُعنى "بالإنسان" ..لا لمن يعنى ..بمحاكمة الناس وكأنه قد تجسدت فيه "عدالة السماء" ...رحم الله "بحر العلوم" القائل :

    وفتاة لم تجد غير غبار الريح سترا
    تخدم الحى ولا تملك من دنياه شبرا
    وتود الموت كى تملك بعد الموت قبرا
    واذا الحفار فوق القبر يدعو: أين حقى

    ما لهذى وسواها غير ميدان الدعارة
    لتبيع العرض فى أرذل أسواق التجارة
    وإذا بالدين يرميها ثمانين حجارة
    وإذا القاضى هو الجانى ويقضى: أين حقى

    أين كان الدين عنها عندما كانت عفيفة
    ومتى قدر حقا لضعيف وضعيفة
    ولماذا عدها زانية غير شريفة
    الان العرف لا يسمع منها: أين حقى

    كان من واجبه يمنحها عيش كفاف
    قبل أن يضطرها تبتاع عيشا بعفاف
    ولماذا أغلظ القاضى فيها وهو مناف
    للنواميس ولا يسأل منها: أين حقى