عماد يوسف : كورونا هو الحل .. بدون تهكم

لا يوجد ردود
مشترك منذ تاريخ: 27/09/2007

أدب واقعي - عماد يوسف

أذكر أنني أتلقى العديد من ردود الفعل كلما طرحت فكرة حول النظر في الأسباب التي أدت إلى تأخرنا وانهيار المنظومة الفكرية والإدارية والعقائدية لدينا، والجميع غالبا ما يحاول القفز فوق معالجة الأسباب والبحث عن حلول أقل ما يقال عنها أنها ترقيعات مؤقتة حالها كحال ترميم حفريات الطرق في بلادنا .

 

في البناء أعلم تماما أننا إن لم نصبح مشكلة عالمية فلن نحظ بدعم واهتمام هذا العالم ..

حين أصيبت الدول العربية  بالوباء انصب الاهتمام عليها، وفي المجمل لا يختلف انفلونزا التغيير الديمقراطي من انفلونزا التفكير عن انفلونزا التطرف انتهاء بفيروس كورونا، فقد كانت كل هذه الأمور عوامل يقظة نبهت انظار العالم لمشكلة ما تتطلب تدخلاً من نوع ما .

 

وفي غياهب بلادنا المهمشة حيث لا قوانين تسود إلا شريعة الغاب والدولار ، ولا أفواه تحكم إلا فوهات البنادق ، فلا سبيل لحل مشاكلنا إلا فيروس كورونا الذي قد يعيد لنا الصدارة الاعلامية والسياسية والاقتصادية الغائبة عنا بأفعالنا غير المجدية في تحقيق التوازن في مجتمعاتنا.

أذكر على سبيل المثال لا الحصر, أن معظم المشتغلين في الحقل السياسي اغتنموا فرصة اللحاق بمتنفذي الثورات والأزمات ليتحولوا إلى تجار وأمراء حرب، فكانت التحولات السياسية وباء على الشعب بينما كانت كسباً وربحاً مدرّاً لهم.

لم يعد بإمكان المواطن العادي أكل اللحوم بسبب غلائها ما لم يستفحل ببلادنا وباء يرخص اللحوم ( كوننا أمة نأكل كل الطيور والحيوانات المصابة ولا تصيبنا العدوى منها بفضل الله ), في وباء انفلونزا الطيور وصلت أسعار الطيور والدواجن إلى أدنى مستوياتها , وكان البيت الريفي يذبح في اليوم الواحد بضع دجاجات ويطبخها لغداء شهي ولذيذ , دون أن يتعرض للعدوى أو يأبه به .وفي انفلونزا التغيير وجد بعض المتنفذين في حاجة الناس للنزوح تجارة مربحة لتهريب البشر والاتجار بحياتهم , بينما وجد المهاجرون للغرب فرصة للخلاص بعيداً عن حياة الحرب وسوء الخدمات .

 

يعزوا بعض المتدينين انتشار فيروس كورونا في الصين إلى تحليلهم ما حرمه الله والعرف العام من مأكولات ولحوم , بينما لا نراهم ينظرون بنفس المعيار إلى ما نتعرض له من ظلم وفساد ودمار ومجازر مروعة دون أن يعزوا ذلك إلى انفلونزا الخنوع الذي أصبنا به وفيروس الاستبداد المستفحل في حياتنا منذ عقود , وهي الضريبة الحتمية التي ندفعها .

 

خلال معاينتي لأمراضنا السياسية والاقتصادية لم أجد حلاً لمشاكلنا سوا فيروس كورونا , فهو الحل الوحيد الذي بإمكانه أن يخلصنا مما نحن فيه , حين يرتفع صيت انتشار الفيروس سيحجم الغزاة عن مهاجمتنا ونعيش بأمان من التهديدات والقصف واللصوص , ستنخفض أسعار المواد الغذائية لعدم حاجة الناس للشراء فالموت واحد سواء جوعاً أو بوباء الكورونا ,  سيحاول المستبدون والمتنفذون الهرب ولن يهرّبوا أحداً خارج البلاد , سيضع المجتمع الدولي حجراً صحياً على منطقتنا قد تصبح مع الزمن بمثابة حماية دولية نحظى فيها بالأمان والسلام , وسيعود التوادد والتراحم وروح الأخوة بين الجميع بسبب الخلاص من كل المتسببين بأزماتنا الداخلية والخارجية .

 

نحن شعب لن نعود لرشدنا إلا باستفحال وباء , بسبب ضياعنا بوصلة القيم وغياب الأهداف والعيش في كنف الشعارات , ترانا نمجد الطغاة المتسببين في آلامنا وهلاكنا , نرى في الليرة التي تلاشت قيمتها عزتنا وكرامتنا ,نهدر أوقاتنا في الفراغ الذي لا يجدي , ونتفلفسف على العالم كله بتحليلاتنا واوهامنا ..

 

عماد يوسف

الاثنين 10 / 2/ 2020

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

علمتنا الحياة أن ندفع ثمن كل ابتسامة سيلا من الدموع