دمشق و السويداء في قلب الثورة .. و اشتباكات متنقلة و القصف مستمر

2012-07-12

في وقت أفادت فيه الهيئة العامة للثورة السورية بمقتل 52 شخصا برصاص قوات الأمن، كحصيلة أولية، معظمهم في إدلب ودير الزور وحلب وريف دمشق، وسط استمرار الاقتحامات والاشتباكات بين الجيشين النظامي والحر وتواصل القصف على عدد من المناطق، شهدت دمشق مظاهرات واشتباكات في مناطق عدة، في إشارة واضحة على دخول العاصمة على خط الثورة بشكل كبير.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن اشتباكات وقعت بين الجيشين النظامي والحر فجر أمس في حي القدم الدمشقي، كما سمع بعيد منتصف الليلة الماضية صوت انفجار شديد في دمشق، مشيرا إلى أن حي المزة بوسط دمشق شهد مساء الثلاثاء خروج مظاهرة ضمت مئات الشبان، طالبت بإسقاط النظام السوري ومحاكمة أركانه، كما ذكرت لجان التنسيق المحلية أن الاشتباكات وقعت في منطقة البساتين، في محاولة لاقتحام حي القدم من قبل جيش النظام. وأكد الناشطون تحول شوارع كفر سوسة في قلب العاصمة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، وهي المنطقة التي تنتشر فيها مراكز الأمن وتعتبر همزة وصل بين أحياء دمشقية عدة.

كما شهدت منطقة العدوي وسط العاصمة دمشق تفجير سيارة بالقرب من وزارة النفط أسفر عن مقتل شخص كان يستقل سيارة تحمل لوحة عسكرية، وشوهد دخان كثيف يتصاعد في المنطقة.

وأكد إسماعيل الداراني، عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، أن اشتباكات عنيفة وقعت في كفرسوسة بدمشق ليل أمس، وفي منطقة القدم صباح أمس، وأسفرت عن مقتل 6 مدنيين تم اختطاف جثثهم على أيدي قوات النظام، لافتا إلى أن الحملة الأمنية بدأت من الغوطة الغربية وصولا إلى العاصمة دمشق، مضيفا: «كذلك وصلتنا أنباء عن إطلاق نار في شارع الثورة في العاصمة».

وهذا ما ذكرته أيضا الهيئة العامة للثورة السورية، لافتة إلى أن حي كفرسوسة في العاصمة السورية شهد صباح أمس، مداهمات نفذها الأمن والجيش مدعومين بالمدرعات في عدد من البساتين، وذلك بعدما سبقها فجرا انتشار كثيف على طريق دمشق - درعا الدولي وإغلاق كل المداخل والمخارج، كما قطعت شوارع الميدان، ووقعت مواجهات عنيفة بين الجيش الحر والجيش النظامي في حي القدم والعسالي، وخرجت مظاهرة في حي ركن الدين بساحة شمدين القريبة من الأمن السياسي، بينما عمد الناشطون إلى رمي أوراق في الشوارع كتب عليها: «سوريا حرة، الشعب يريد إسقاط النظام».

وأكد المرصد السوري أن قوات الأمن نفذت حملة مداهمات واعتقالات واسعة في حي اللوان بدمشق الذي شهد اشتباكات متكررة منذ أيام عدة بين الجيش الحر والقوات النظامية.

وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن قوات الأمن والشبيحة مدعومة بالمدرعات طوقت حارة المحكمة وشارع الزيتون في القلمون والقطيفة في ريف دمشق، ولفتت إلى أن ريف دمشق شهد تحرك رتل من دبابات الفرقة الرابعة باتجاه صحنايا والمنطقة الغربية، بينما شهدت سبينة اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام بالأسلحة المتوسطة.

وأكد الداراني أن قوات النظام عمدت إلى اقتحام منطقة الغوطة الغربية ولا سيما داريا، حيث يعاني الأهالي من انقطاع للكهرباء ووسائل الاتصال، لافتا إلى استهداف المنطقة بقذائف الهاون فيما كانت المدرعات تقتحم الأحياء والمنازل، إضافة إلى إقفال المنافذ التي تصل الغوطة الغربية بدمشق، والتي تصل أهل ريف دمشق بالعاصمة.

في حمص تواصل القصف العنيف على عدد من الأحياء والمدن والبلدات لليوم الخامس والثلاثين، واستهدفت الدبابات الحربية ومضادات الطيران المنازل بشكل مباشر، وسجلت مشاركة الطيران الحربي في عدة مناطق بالإضافة للطيران الاستطلاعي الذي لا يتوقف عن التحليق في سماء المحافظة، بحسب ما أفاد به ناشطون، ويوم أمس تم قصف أحياء حمص القديمة: القصور والقرابيص وجورة الشياح والخالدية والحميدية وجوبر والسلطانية وبابا عمرو والحولة وكرم شمشم ولغنطو وتلبيسة والقصير والرستن والمكرمية وقتل أكثر من ستة أشخاص، كما تسببت قذائف الهاون بدمار كبير في حي الحميدية المحاصر.

وقتل في القصير شخصان، أحدهما طفل قتل أثناء سقوط قذائف على المنازل، والآخر قتل برصاص قناص، بالإضافة لإصابة العشرات بجراح بينها حالات خطيرة، وتعاني مدينة القصير من حصار خانق منذ نحو شهر. وقال ناشطون إن قوات النظام تستخدم صواريخ لم يسبق استخدامها وهي «ذات ضغط كبير جدا يصل تأثيره لدائرة قطرها أكثر من خمسين مترا مركزها موقع السقوط».

وفي الرستن تساقطت قذائف الهاون والقنابل الحارقة على منازل المدنيين؛ مما تسبب بدمار نحو عشرة منازل، كما شارك الطيران الحربي في القصف على المدينة بمعدل 6 قذائف بالدقيقة.

كذلك كان للسويداء حصة أساسية من الحملة الأمنية، بحسب ما أفادت به «هيئة التنسيق المحلية» في مدينة السويداء، لافتة إلى أن «انتشارا أمنيا كثيفا جدا وغير مسبوق شهدته المدينة منعا لخروج مظاهرة كان مخططا لها في مركز المدينة، حيث قامت قوات الأمن باحتلال شوارع المدينة ومحاصرتها بأعداد هائلة من قوات حفظ النظام وقوات الأمن والشبيحة، وقد تم نشر عدد من نقاط التفتيش عند مداخل القرى والبلدات، كما تمت إقامة حواجز أمنية على كل الطرق المؤدية إلى السويداء، بالإضافة إلى حواجز متنقلة أخرى تجوب الشوارع».

وأشارت الهيئة إلى أن «الاعتقالات طالت حتى الآن محمد بركة، وهو عضو في إعلان ائتلاف دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، الذي تم اعتقاله من السويداء، والمدرس المتقاعد حرب حرب، والناشط عمرو الزاقوت، والمحامي أسامة الزاقوت، الذين أوقفوا على الحاجز المقام في الطريق بين قرية رساس وبلدة القريا في السويداء».

وفي ريف حماه تواصلت الاشتباكات العنيفة بين الجيشين الحر والنظامي في بلدة إعزاز، فيما اقتحمت القوات النظامية مدينة صوران، حيث نفذت إعدامات ميدانية لبعض الأشخاص واعتقالات عشوائية، مع حرق وهدم وسلب للمنازل، وسط إطلاق نار كثيف والبدء بحملة تفتيش دقيقة وإغلاق كامل لجميع الطرقات، وسط تحليق للطيران في سماء المدينة بحسب شبكة «شام» الإخبارية.

وذكر المرصد أن القوات النظامية السورية اقتحمت بلدة معردس ومدينة صوران في ريف حماه، بعدد كبير من الدبابات والآليات الثقيلة وسط إطلاق نار كثيف، ووردت معلومات عن سقوط قتلى وجرحى في صوران ومداهمة واعتقالات وحرق منازل ناشطين ومحاصرة قرية كوكب.

وفي إدلب أفاد المرصد بمقتل وجرح 11 عنصرا من القوات النظامية السورية إثر استهداف حافلة صغيرة كانت تقلهم في ريف إدلب، كما أكد العثور على جثامين 14 شخصا بينهم 13 من جيش التحرير الفلسطيني كانوا قد اختطفوا قبل أيام وهم في طريقهم إلى مخيم النيرب بحلب.

وشهدت حلب بدورها اشتباكات فجر أمس بين الجيشين النظامي والحر في حي السكري، وقد سمعت أصوات عدة انفجارات في الحي. كما نفذت القوات النظامية في حي الصاخور حملة مداهمات واعتقالات، وقتل عنصران من القوات النظامية على الأقل إثر الهجمات على الحواجز الأمنية في مدينة حلب فجر يوم أمس.

وليلا، كانت الاشتباكات قد وصلت إلى محيط نادي الضباط بالمدينة بين قوات النظام والجيش الحر الذي نفذ هجوما على النادي بحسب المرصد السوري.

وفي درعا، هزت عدة انفجارات بلدة صيدا، بحسب المرصد السوري، تبعها صوت إطلاق رصاص كثيف، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من سماء البلدة، كما دارت اشتباكات في محيط قرية كحيل بين القوات النظامية السورية والجيش الحر.

من جهة أخرى، أفادت وكالة «إخلاص» التركية أمس، بأن مجموعة جديدة مكونة من 440 لاجئا سوريًّا عبرت الحدود إلى تركيا، من بينهم 18 ضابطا في الجيش السوري.

وتتكون مجموعة الضباط، بحسب الوكالة، من عقيدين و6 أفراد برتبة مقدم، و8 أفراد برتبة رائد، ونقيبين، وتم إرسالهم مع أسرهم إلى مخيم في إقليم هاتاي، الذي يرسل إليه المنشقون من الجيش السوري. وحصل اللاجئون من المدنيين على مأوى مؤقت في محافظة شانليورفا.

ونقلت الوكالة أنه يوجد في تركيا حاليا العشرات من ضباط الجيش السوري، من بينهم عدة جنرالات، فيما بلغ إجمالي اللاجئين السوريين إلى الأراضي التركية أكثر من 34 ألف شخص.

في تلك الأثناء أعلنت القوات الصاروخية في الجيش النظامي اختتام المناورات العسكرية التي نفذتها بمشروع عملياتي بالذخيرة الحية في ظروف «مشابهة لظروف الأعمال القتالية قامت خلاله التشكيلات الصاروخية بتوجيه ضربات مكثفة على أهداف معادية في عمق العدو المفترض»، بحسب بيان بثته وكالة (سانا)، وقال البيان إنه تم «إطلاق الصواريخ بأنواعها المختلفة وإصابتها أهدافها بدقة عالية» تشير إلى «التمكن من استثمار الطاقة التدميرية للسلاح بالشكل الأمثل». وحضر المشروع العماد داود عبد الله راجحة، نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، يرافقه العماد طلال مصطفى طلاس وعدد من كبار ضباط القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، ودعا راجحة جنوده إلى «المحافظة على جاهزية السلاح والاستعداد الدائم لتنفيذ أي مهمة تسند إليهم».