افتتاحية طريق الشعب: ليتعاضد الجميع على دحرها ! الطائفية آفة مهلكة

2013-02-27

في خضم صراع المصالح المندلع بين القوى المتنفذة على السلطة والثروة والنفوذ، تتصاعد النبرة الطائفية المقيتة هذه الايام في العديد من المحافل والمواقع والميادين، وبشكل فاضح، متجسدة في صور تصريحات استفزازية وشعارات وحتى ممارسات.  

وتأخذ هذه النبرة في بعض الاحيان اشكالا علنية مكشوفة، لكنها تأتي في الغالب متسترة ومغلفة بمعسول الكلام. والخطير في الامر انها تتفاقم، وتهدد استقرار البلد السياسي والامني ووحدته الوطنية بافدح الاخطار، وتعرض نسيجه الاجتماعي للتمزق والانهيار. كما انها، وهي المرتبطة بنهج المحاصصة الطائفية- الاثنية ومنظومتها، وبتطبيقاتهما الشاذة ونتائجهما الكارثية بالنسبة للعملية السياسية، ولمسيرة البناء الديمقراطي والتوجه نحو اقامة دولة المؤسسات المدنية والقانون وبناء اقتصاد منتج متطور، اخذت تنشر سمومها في اوساط اوسع، عن وعي او من دون وعي. بل وتمتد تأثيراتها الخطيرة في بعض الاحيان لتشمل اوساطاً من المتعلمين او المحسوبين على الوسط الثقافي.
ان ما يتطلب الحذر ويستحق الادانة هنا، ليس الانتماء او الهوية المذهبية - الطائفية للانسان العراقي، الذي لا خيار له فيها غالبا. فهي واقع يتوارثه الابناء عن الآباء والاجداد، وهي بصفتها هذه جديرة بالاحترام، وينبغي حماية حق المواطنين فيها، وفي ممارسة طقوسهم ومعتقداتهم، التي لا تلغي الآخر المختلف او تتجاوز على حريته. انما المقصود هو توظيف الطائفة، الدين، القومية.. الخ، لخدمة مصالح اجتماعية وسياسية حزبية ضيقة على حساب مصالح الآخرين، وهو استغلال مشاعر البسطاء الذين يسهل خداعهم عبر اثارة التعصب عندهم، ولممارسة الاضطهاد والتمييز والتهميش ضد الآخر المختلف. وسواء كان الطائفيون المتعصبون هنا في دست السلطة، ام خارجها.
ومعلوم ان دستورنا يرفض رفضاً قاطعاً الطائفية، كما يرفض العنصرية والارهاب والديكتاتورية والاستبداد. فهي جميعا تتقاطع مع حقوق الانسان في الحرية والمساواة،  وتتناقض مع الديمقراطية وقيمها ومثلها النبيلة، وتتعارض تماما مع مبدأ المواطنة والحقوق المتساوية لابناء الوطن الواحد، بصرف النظر عن جنسهم ودينهم وقوميتهم ومذهبهم وموقعهم الاجتماعي، ومعتقداتهم الفكرية والسياسية.
ولا ضير من التذكير بان الطائفية (التعصب للطائفة) كانت على الدوام، عبر التاريخ العراقي والعالمي، مصدراً للنزاعات والتناحرات الدموية، ولبعث سموم الارتياب وعدم الثقة بين ابناء الشعب الواحد. كما كانت دائما مصدر عدم استقرار، وعقبة كأداء امام التطور الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والثقافي.
ان ما نشهده اليوم من تراشق بتهم الطائفية والشحن والتجييش الطائفيين، بين ممثلي الاطراف النافذة المتصارعة، لا يعفي احداً منهم من مسؤولية ما يجري، ولا يسمح بتبرير ما يقوم به باعتبار انه "رد فعل" على افعال الطرف الثاني.
ان مصلحة الوطن العليا، والمسؤولية الوطنية، تفرضان على الجميع الحذر من خطر الوقوع في هذا الشرك الخطير، وهذا المنزلق الذي لا يفضي إلا الى المزيد من الخراب والدمار لوطننا الغالي ولمصالح شعبنا العزيز.
ان حقوق الشعب في الحياة الحرة الكريمة الآمنة، ينبغي الا تضيع على مذبح مطامح المنتفعين، والطامعين بالتحكم الجشع بمصائر البلد.
ان علينا جميعاً الاسهام في فرز الحقائق، وتبيان الخيط الاسود من الابيض، والسعي الجاد من  دون مماطلة وتسويف، الى تفويت الفرصة على الطائفيين المتعصبين والمخربين والارهابيين، وسحب البساط من تحت اقدام من يتربصون بوطننا العزيز، ويسعون لاشاعة الفوضى في ربوعه، من المتدخلين الدوليين والاقليميين.. وذلك بتنفيذ المطالب المشروعة للمتظاهرين، والبدء بحوار وطني جاد لاصلاح اوضاع البلد، واتخاذ المواقف الجريئة، واعتماد الآليات الديمقراطية - الدستورية، لمنع التدهور، ولتحقيق تقدم حقيقي نحو معالجة جذور الازمة، ووضع نهاية ناجعة وحازمة لاحتمالات تنامي النعرات الطائفية، هذا الشر المستطير الذي يهدد كيان الوطن ووحدته ومصالح الشعب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
افتتاحية "طريق الشعب"
الاثنين 25/ 2/ 2013

 



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.