نارين عمر : عيسى حسّو, القياديّ بامتياز

2013-08-02

 حين سمعتُ خبر استشهادِ عيسى حسّو, اتصلتُ مع أحدِ رفاقه المقرّبين إليه لأتأكّد من الخبر, ثمّ وجّهتُ إليه هذا السّؤال:

-لماذا لم تؤمّنوا له الحراسة الكافية؟ لماذا لم يأخذ بأسبابِ الحذرِ والحيطةِ؟
أجاب بكلّ أريحيّة:
-لأنّه كان يقول دوماً: "أنا رجل سياسةٍ وسلمٍ, لذلك لا أخافُ على حياتي", وثانياً لأنّه كان يردّدُ على الدّوام:
" اخترت وأنا بكامل إرادتي هذه الطّريق وهذا النّهجَ الذي أسيرُ عليه, وأعرف كلّ تشعبّاتهما ومخاطرهما, ولن أخافَ من أيّ شيءٍ يعترض سبيلي لأنّني مؤمنٌ كلّ الإيمان بعدالةِ قضيّتي وبأحقية شعبي وأمّتي في العيش الكريم كباقي شعوب وأمم الأرض"
بهذه العبارات لخّص لنا الرّجل ماهية وحقيقة عيسى حسّو الإنسان والسّياسيّ والمناضل.
عيسى حسّو القياديّ الذي كان يقرنُ قوله بالفعل الحقيقيّ والجاد. نعم, فهو الذي تعرّض إلى لسّجن والاعتقال أكثر من خمس مرّات, في كلّ مرّةٍ يخرجُ فيها من السّجن يزداد إيماناً بالنّهج الذي اختاره, يزدادُ عشقاً للوطن ولعدالةِ قضيّةِ شعبه.
 
عيسى حسّو, لم يناضل لوحده, لم يكافح لوحده, بل أبى إلا أن يشاركه أفرادُ عائلته مشوار الدّفاع عن المبادئ التي كان يرى فيها الصّواب والاستقامة, وهو الذي ضحّى بأحدِ أبنائه في سبيلها, وهو الذي دفع ببعض أبنائه الآخرين ليسلكوا سبيله وسبيل كلّ السّائرين إلى دروب تحقيقِ الحرّية والسّلام لشعبه ولأمّته. هذا الرّجل الذي ظلّ قرابةِ ثلاثين عاماً يناضل ويكافح, ويتحدّى كلّ أنواع الظّلم والاضطهاد, ويعاني فراقَ الأهل والأحبّةِ والزّوجةِ, وهو الذي كان يتلقى كلّ تهديدٍ يتعرّضُ إليه بشهامةٍ وروح رياضيّة, فقط ليؤكّد على أنّ سبيلَ القيادة والنّضال ليس بالسّبيل الهيّن أو السّالك بسهولةٍ. 
من هنا ألا يحقّ لنا أن نمنحَ هذا الرّجل وسام "القياديّ الحقيقيّ بامتياز"؟ ألا تنطبقُ عليه كلّ صفات القيادةِ والرّيادة بغضّ النّظرِ إلى النّهجِ الذي كان يسلكه, والمبادئ التي كان يؤمن بها, سواء اتفقنا معه في بعضها أو اختلفنا معه في البعض الآخر؟
 
ومن هنا أيضاً لم نستغرب مطلقاً من الحزن الذي خيّم على شرائح واسعة من أبناءِالشّعب الكرديّ ومن الإخوةِ من الشّعوب والطّوائف الأخرى على هذا الشّخصِ الذي استطاع أن يتركَ بصمةً في تاريخ نضال الكرد, ونضال الشّعبِ السّوريّ عامّة ويدخلَ إلى القلوبِ بيسرٍ وسلاسة.
 


ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.