جان كورد : احذر الإيميل: أخطر وسائل الاتصال (2-2)

2013-11-28

إن نسبةً كبيرة من هذه الأعداد الضخمة والمتزايدة من الإيميلات المرسلة من شخصٍ إلى شخص أو من حاملٍ الكتروني إلى آخر (في عام 2000 : ثمانية عشر مليون رسالة يومياً، في عام 2913: 145 مليون، وفي عام 2016 سيرتفع الرقم إلى 192 مليون) يتعرض للاصطيادوالمراقبة والتجسس، مثل أي بطاقة بريدية ورقية مفتوحة، حسب تعبير السيد رينيه أوبرمان مدير شركة تيليكوم العملاقة، على الرغم من كل إجراءات الحماية التي تقوم بها شركات هامة مثل شركته وشركة السيل فورس، وعلى الرغم من السرعة الفائقة للرسائل المنطلقة في جزيئةٍ من الثانية،

حيث يمكن نسخها ديجيتالياً وتحويل مجرى المنسوخ حسب الطلب، والذي يتمكن من اختراق(سيرفر) معتمد يستطيع الحصول على نسخ الملايين من الإيميلات المخزنة من قبل ذلك السيرفر في وقتٍ قصير، قبل أن يلاحظ ذلك العاملون على حفظ السيرفر ومخزوناته.
يعتقد مبتكر الإيميل الذي ذكرناه في المقال الأول، راي توملينسون أن مسح أو الغاء إيميل لايعني البتة أنه انتهى، بل يمكن إحياءه ونسخه، وهذا ما نقوم به عادةً ببرامج خاصة لإعادة إحياء الملفات الملغية أيضاً من الكومبيوتر الشخصي، ولكن الهواتف الخليوية ذات الاتصال الانترنتي غير المتصلة بالسيرفر يمكن أن تغير من مستقبل ومسار الإيميل. وسواء السيد توملينسون (المبتكر) أوالسيد كارلو فون لوش (المخترق) فإنهما متفقان ضمناً على ضرورة تحسين حماية الإيميل لأن الناس لاتسعى للاستغناء عن هذا الابتكار العظيمالذي لايكلفهم كثيراً من الوقت والمال.
وفي الحقيقة ليس هناك أي ضمان تام للمراسلة إلا في حال التقاء المرسل والمرسل إليه بدون وسيط بريدي أو ديجيتالي. وهذا يعني أن عليهما تبادل المعلومات فيما بينهما عن طريق تسليم واستلام (المعلومة) بشكل مكتوب على ورقة أو على أي شيءٍ آخر. ولذا فإن المخترقين (الهاكرز) الذين انقلب بعضهم إلى عاملين من أجل تحقيق هذ الحماية الكلاسيكية للإيميلات أيضاً لم يجدوا حتى الآن وسيلةً يعتمدون عليها كلياً، ولكنهم لايريدون الإعلان عن فشلهم، وإنما هم مصرون على أن لاتتعرض المراسلات الالكترونية بين الناس إلى السطو والنسخ والاختراق باستمرار من قبل الهاكرز ولصوص المعلومات.
بعض الشركات التي تطالب مستخدميها وعمالها بعد استخدام الإيميل داخل الشركة، واللجوء عوضاً عنه إلى نوعٍ من الفيس بووك الخاص بالشركة، تقوم باجراءات حاسمة أحياناً مثل التعليمات الصارمة من قبل السيد تيري بريتون، مدير شركة إي تي – آتوس، التي تقضي بعدم استخدام الإيميل نهائياً فيما يخص أعمال شركته. ولذلك فإن إحدى المستخدمات لديه، السيدة مانويلا غروين بيرغ في مقابلةٍ لها مع جريدة زوود دويتشه تسايتونغ الألمانية (العدد271- نوفمبر 2013) تقول بأنها كانت تتلقى قبل سنةٍ من الآن حوالي 40 رسالة إليكترونيةيومياً، في حين أنها تتلقى الآن 10 رسائل فقط، وذلك بسبب المحاولات الجارية لتقليل حجم المراسلة الالكترونية في كل ما يتعلق بالأعمال، وعن طريق استخدام حامل اتصالات داخلي على غرار الفيس بووك الذي تجري من خلاله المحادثات المباشرة، وهذا يمنع المخترقين من اقتحام القلاع الداخلية للشركة.
يعمل كارلو فون لوش حالياً بالتعاون مع جامعة التقنية في مدينة ميونيخ الألمانية من أجل برنامجٍ معقدٍ للغاية يؤمن مزيداً من الحماية لمسار الإيميل بين المرسل والمرسل إليه، والهدف هو التخلص من مشكلة نسخ الرسائل الالكترونية ووضع المنسوخ منها بكميات هائلة من الرسائل على السيرفرالذي يتعرض باستمرار إلى تلصص المخترقين.
ويقول مبتكرالإيميل بأنه تلقى مرةً في منتصف أعوام التسعينيات رسالة من سيدة تقول فيها له:"شكرا...شكراً... شكراً" ولم يعرف السب آنئذٍ، ثم لدى إلحاحه لمعرفة السبب، كتبت له المرأة بأن أحد أقربائها مصاب بمرضٍ خطيرٍ للغاية ونادرٍ أيضاً، فعن طريق استخدام الإيميل تمكنت السيدة من الاتصال بعددٍ كبير من أولئك الناس المصابين بذات المرض، وتعرفت على أحوالهم وأساليب معالجتهم ومدى نجاح علاجهم... عندئذٍ علم السيدرايتوملينسون أهمية وقيمة (الإيميل) الذي ابتكره للبشرية.
يبقى الإيميل أهم ناقل للمعلومات للأسباب التي ذكرناها في المقال الأول ويبقى أهم ابتكار الكتروني ساعد البشرية في هذا العصر، ولن يكون التخلص منه سهلاً كما يتوقع بعض المتفائلين الباحثين عن بدائل جديدة له.



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.