" كوباني وميلادٌ مع ذوي الأمل ... "

إعداد وتقرير : الكاتّب والصحَّفي جوان سوز
في خطوةٍ فريدة من نوعها , قامت مجموعة من الشباب السوري الثائر في مدينة " كوباني " في شمال شرق سوريا , بالإحتفال بعيد الميلاد مع كوكبة من ذوي الإحتياجات الخاصة في المدينة .

تعود هذه الفكرة إلى الحقوقي الشاب " محمد شيخ صحن " وهو من مؤسسي مؤسسة " زلال " الثقافية في مدينة "كوباني" وهي تعنى بالشأن المدني العام وكذلك الفني والإجتماعي والحقوقي , يقول الحقوقي محمد شيخ صحن : راودتني هذه الفكرة في الوقت الذي كنت فيه محبطاً ويائساً من هذا الوضع المتدهور في سوريا عموماً وكوباني على وجه الخصوص , لذا أردت أن أودع هذا العام المشؤوم بطريقة مميزة تلفت إنتباه السوريين .

خطر لي الإحتفال مع ذوي الإحتياجات الخاصة وكذلك تكريمهم , في خطوةٍ لإخراجهم من أجواء الحرب التي يعيشونها وما يرافقها من عوائق نفسية لهم , وخاصة أنهم " تحت القصف والحصار ", في الحقيقة أقترحت هذه الفكرة على زملائي في مؤسسة " زلال " التي يديرها الأستاذ " برادوست الكمالي " فرحبوا بها , وما واجهتني من مشاكل في بداية الفكرة هي للأسف مادية فقط , فذوي الإحتياجات الخاصة في المدينة عددهم في تزايد وخاصة من أبناء النازحين , القادمين من المدن الداخلية مثل حماة وحمص ودمشق وحلب ...(وفي غالبيتهم هم معوقو الحرب) , لذا إختصرنا التكريم على عدد منهم , بعد أن قمت مع زملائي في المؤسسة بجمع مبلغ ذاتي وهو 500 دولار بين بعضنا دون الإستعانة بأحد .

وأضاف " شيخ صحن " , أعددتُ فريقاً للقيام بهذا العمل وتضمن عازفَين على آلتي العود والغيتار وفتاة في الخامسة عشرة من العمر , وشابٌ آخر من أقاربي , وقمنا معاً بالبحث عن عائلات ذوي الإحتياجات الخاصة في ساعات الليل المتأخرة , بعد أن جمعنا المبلغ المخصص لذلك , وبالفعل تجولنا نحن الفريق في أحياء كوباني الضيقة منها والواسعة وكذلك الفقيرة منها والغنية , وكان ذلك بمثابة محاولة للتعرف على ذويهم لمعرفة مقاسات هؤلاء الذين سنقوم بتكريمهم , بما أننا سنقدم لهم ثياباً شتوية في ظل موجة البرد في هذا الشتاء القارس , وتمت هذه الخطوة بشكلٍ جيد ولم ننسى ذوي الإحتياجات الخاصة النازحين ( ضحايا الحرب ) .

وبالطبع في اليوم التالي أشترينا إحتياجاتنا , وفي ليلة الميلاد , قمت مع الفريق بتوزيع هذه الإحتياجات الرمزية , التي لا تشكل شيئاً مقابل ما يعانونه السوريون جميعاً , على كوكبةٍ من ذوي الإحتياجات الخاصة في المدينة , في الوقت الذي قام فيه إثنان من بين فريقنا بالعزف على آلتي العود والغيتار الذي ترافق مع أغنية " ليلة عيد " في كل بيت دخلنا إليه , وقد أرتدينا قُبعات حمراء في إشارة لبابا نويل وهداياه .

الجدير بالذكر أن هذه الخطوة , حظيت بإهتمام كبير من ابناء مدينة كوباني وخاصة من أهالي ذوي الإحتياجات الخاصة , فقد بكيَت أحد أمهاتهم قائلةً أنه لم يُكرَم ولدها منذ ولادته وكذلك لم تأتيه أي هدية من أي جهة , وهو في العقد الثالث من العمر " , مشيرةً لتجاهل الإهتمام بهم من قبل المجتمع .

وفي الوقت ذاته , لم تقم أي فضائية كردية كانت أو سورية مُعارضة بتغطية هذا الحدث , فبعض القنوات أكتفت بنقل الحفل الفني الساهّر في الملهى الليلي الذي أنشأ حديثاً في المدينة , دون الوقوف أمام هذا الحدث الذي تشهده سوريا للمرة الأولى بشكلٍ عامٍ وخاصةً في كوباني, تلك المدينة الكردية النائية والتي تعيش في ظل معاناة الحرب والحصار كباقي المدن السورية , وقد أبرز هذا الفريق روح الإنسانية والهوية التي لم يدونها أحد يوماً , فالإعاقة هي إعاقة نفسية وليست جسدية , ونحن كسوريين سنحتفل معهم تحت القصف والحصار , وسنظهر إنسانيتنا للعالم وكذلك براءتهم , وهو ما أكد عليه الفريق القائم على هذا العمل المسمى بـ " سوريا وميلاد مع ذوي الأمل ... " .



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.