محاضرة في قاعة منتدى أوصمان صبري بقامشلو للباحث خورشيد عليكا

ألقيت محاضرة يوم الجمعة 24/1/2014 في قاعة منتدى أوصمان صبري بقامشلو
بدعوة من مكتب الثقافة والإعلام لحزب يكيتي الكردي في سوريا وبالتعاون مع
جمعية الاقتصاديين الكرد- سوريا للباحث خورشيد عليكا (عضو جمعية
الاقتصاديين الكرد- سوريا) بعنوان:
أنماط التنمية وسبل تحقيق العدالة الاجتماعية
"şêweyên geşpêdanê û awayên pêkanîna dadweriya civakî"

قبل بدء المحاضرة طرح المحاضر استفساراً. من الذي‮ ‬يتقدم أو‮ ‬يقود
البلاد الديمقراطية أم التنمية؟ أي‮ ‬هل أن التنمية هي‮ ‬التي‮ ‬ستؤدي‮
‬إلى بناء الديمقراطية؟ أم أن الديمقراطية هي‮ ‬التي‮ ‬ستبني‮ ‬التنمية؟
هناك من‮ ‬يرى بأن التنمية هي‮ ‬أولاً،‮ ‬حيث إن ارتفاع معيشة الإنسان
الاقتصادية وارتفاع مستواه الثقافي‮ ‬أحد عوامل بناء النظام الديمقراطي‮
‬في‮ ‬أي‮ ‬مجتمع‮. ‬إلا أن هناك من‮ ‬يقول إن‮ ''‬لا تنمية إلا من خلال
الديمقراطية‮''‬،‮ ‬أي‮ ‬أن الديمقراطية هي‮
‬أولاً‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
حيث خلُصت المناقشات إلى الترابط غير القابل للانفصام بين التنمية
والديمقراطية وارتكازها على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية
والاجتماعية الذى يوفر أجواء تطبيق الحكم الرشيد، وتهيئة السبل للانتقال
إلى الديمقراطية، وتعزيز نهج الحقوق في التنمية الذي يجعل من الإنسان
محوراً التنمية وشريكاً في صنعها، والمستفيد من عوائدها على قدم المساواة
دون اقصاء أو تهميش أو تمييز واكدوا بأنه يجب أن تسير التنمية
الديمقراطية والتنمية الاقتصادية جنباً إلى جنب في سوريا، ويعد بناء
المؤسسات التي تشكل عماد كل من الديمقراطيات واقتصاديات السوق عاملاً
حاسماً في الانتقال.
وبعدها بدأت المحاضرة بطرح عدة من المحاور للنقاش وتم ربطها مع الواقع
الكردي والسوري بجملة من الاسئلة والمناقشات الجادة والحقيقية وبكل
شفافية. وإن ثورات ربيع الحرية (الربيع العربي) أنهى المقايضة بين الخبز
والحرية. وقامت هذه الثورات للمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأكد الباحث بأنه قد تطور مفهوم التنمية في العقود الستة الأخيرة حتى
"أصبح النظر للتنمية على أنها عملية لتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع
بها البشر".  ويتجاوز هذا المفهوم الحديث المفهوم الكلاسيكي للتنمية على
أنها نمو الناتج القومي الإجمالي أو زيادة متوسط دخل الفرد. وتم الحديث
عن التنمية الاقتصادية، والتنمية البشرية والتنمية الانسانية والتنمية
المستدامة  والتنمية الشاملة.
وكانت خلاصة مناقشة موضوع التنمية: بأن المفهوم الحديث للتنمية يستوجب
القضاء على أهم مصادر الحرمان من الحرية كالفقر، وإنعدام الفرص
الاقتصادية والحرمان الاجتماعي، وإهمال الخدمات العامة ومظاهر القمع
السياسي والاقتصادي. وعليه فإن المؤشرات التي نقيس بها التقدم نحو تحقيق
التنمية تتعلق بقياس نسبة الفقر والفقراء، ومعدلات البطالة، واللامساواة،
والحرمان من الخدمات والسلع العامة، وليس بالاعتماد على مؤشرات دخل الفرد
الحسابي والناتج القومي وحدها. وتم التأكيد بأنه لا تترافق التنمية دوماً
مع الارتفاع في الإنفاق العسكري.
 إما بالنسبة العدالة الاجتماعية فهي تقع في صلب مطالب التغيير والإصلاح
في منطقة الشرق الأوسط بسبب الإخفاق في تحقيق التنمية القائمة على
العدالة الاجتماعية، وانخراط بعض الدول في تطبيق سياسات تكرس الفقر
والتهميش والإقصاء وعدم المساواة.  إذ لا يكاد يخلو بلد عربي من صور
الإجحاف والتمييز الإقصاء والتهمي، وتم التأكيد بأنه حتى أصبحت شرعية أي
نظام حكم ترتكز على أساس قدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية لمواطنيها.
وإن العدالة الاجتماعية يمكن تحقيقها ووضع معايير وأهداف ومؤشرات لقياس
مدى الوفاء بها إذا وجدت الإرادة السياسية. وهناك عدد من العناصر الواجب
توافرها لتحقيق العدالة الاجتماعية أبرزها :
-المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص.
-التوزيع العادل للموارد والأعباء.
-الضمان الاجتماعي.
-توفير السلع العامة.
-العدالة بين الأجيال.
فمبدأ المساواة وعدم التمييز، وتكافؤ الفرص الذي يمثل حجر الأساس في
العدالة الاجتماعية، يعد بحق الفريضة الغائبة في البلدان العربية. تتعدد
أنماطه وذرائعه لكنه يظل متجذراً في كل البلدان العربية. وتبدأ أشكال
التمييز النمطية، بالتمييز ضد المرأة التي تشكل نصف المجتمع العربي.
كما يمتد التمييز في البلدان العربية إلى نمط التمييز على أساس الدين
والمذهب والمعتقد والقومية، واشتدت حدة هذا التمييز في بعض البلدان الذي
يتسم تكوينها الاجتماعي بالتعددية الدينية والمذهبية والقومية. وأثرت على
مفهوم المواطنة.
تروج مؤسسات التمويل الدولية لتبنى سياسات مالية واقتصادية تقشفية في
الدول التي تعانى من عجز الموازنة تستهدف إلغاء أو تخفيض الدعم على
الطاقة والزراعة والمنتجات الغذائية، وتخفيض الأجور بما فيها أجور
العاملين في التعليم والصحة وباقي مؤسسات الخدمات العامة، وترشيد
واستهداف شبكات الأمان الاجتماعي، وإعادة هيكلة نظام المعاشات، وترشيد
الإنفاق على الصحة، ومرونة سوق العمل (أي حرية فصل العمال).
لكن تطبيق هذه السياسات، وإن كان قد أدى إلى تحسين بعض المؤشرات
الاقتصادية ومعدل الدخل السنوي فقد ترك آثارا اجتماعية وخيمة أدت لزيادة
الفقر والبطالة وصعوبة الوصول إلى الخدمات والسلع الأساسية، كما أدى
لزيادة الفوارق بين الطبقات، وإقصاء قطاعات كاملة من المجتمعات خارج
التنمية الأمر الذى يهدد الاستقرار والسلام الاجتماعي.
ويُجمع العديد من الأدبيات الدولية والوطنية حول عدد من العناصر الجوهرية
لتعزيز العدالة الاجتماعية أهمها ما يلي:
- الحاجة إلى نمط جديد للتنمية يتجاوز أهداف النمو الاقتصادي إلى تلبية
احتياجات الناس ألا وهو التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية
والاجتماعية والبيئية مجتمعة
- إعادة النظر في الحدين الأدنى والأعلى للأجور، في سياق يعتمد الهيكل النسبي.
- والمفارقات في كثير من البلدان العربية، واعتماد مفهوم الدخل بدلاً من
الأجر أو الراتب الأساسي أي الأخذ في الاعتبار البدلات والمكافآت
والحوافز.
- إعطاء مسألة توفير فرص عمل للشباب ما تستحقه من اهتمام بعد أن كشف
تقرير منظمة العمل العربية الصادر في نيسان ٢٠١٣ أن نسبة البطالة بين
الشباب تصل إلى ٢٧% فضلاً عن  الفجوة في النوع الاجتماعي بينهم. ليس فقط
باعتبارهم مستقبل المجتمع العربي والكردي، بل وأيضاً باعتبارهم مناط
استقراره بعد الدور الذى لعبوه في إطلاق الحراك الاجتماعي.
- إعادة النظر في السياسة الضريبية، بعد أن تثبت فشل الرؤية التقليدية
التي تقوم على خفض الضرائب، وعدم الإفراط في تدرجها للحفاظ على الموازين
المالية وفرص الاستثمار، والتي كان من نتائجها زيادة التباينات في الحصول
على الحماية الاجتماعية، بينما فشلت في رفع مستويات الاستثمار. وتبنى
سياسات ضريبية أكثر تدرجاً بغية تمويل البرامج الرئيسية مثل التعليم
والحماية الاجتماعية وتهيئة بنية أساسية كثيفة العمالة، وسيدعم هذا الأمر
في الوقت نفسه أهداف إعادة التوزيع.
- توفير ضمان اجتماعي جيد التصميم يضمن توسيع نطاق مظلة التأمينات
الاجتماعية القائمة على الاشتراكات وإعانات البطالة، وإرساء أرضية حماية
اجتماعية لأكثر الناس استضعاف لا تقف عند الوصول إلى الحد الأدنى من
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بل وأن تسعى باستمرار إلى تلبية الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية.
وكانت خلاصة العلاقة بين التنمية والعدالة الاجتماعية بأنه لا تنمية بدون
عدالة اجتماعية تحظر التمييز، وتوفر تكافؤ الفرص، وتكفل التوزيع العادل
للموارد والاعباء، وتوفر الحماية الاجتماعية، والضمان الاجتماعي، وتوفر
السلع والخدمات العامة للفئات التي تحتاجها، وتراعي العدالة بين الأجيال
والمناطق، والانتقال بالعدالة من مجرد شعار إلى برنامج عمل.
حيث تم اسقاط أمثلة متعددة من نماذج التنمية والعدالة الاجتماعية على
الواقع السوري بشكل عام والواقع الكردي في سوريا بشكل خاص. وتم الحديث عن
مؤشرات التنمية في سوريا ومكانة سوريا ضمن تقرير التمية البشرية الصادر
في عام 2013 ومقارنتها مع الدول المجاورة ومع الدول المرتفعة جداً في
الدخل والدول المتدنية في الدخل ووجد بأنها من الدول المتوسطة في مؤشرات
التنمية البشرية وكانت في المرتبة 116 من أصل 186 دولة والتي هي دولة
النيجر.
 وإن مشكلة البشر تكمن في الجمع بين ثلاث مقومات "الكفاءة الاقتصادية،
والعدالة الاجتماعية، والحرية الفردية" وفي سوريا لا توجد كفاءة اقتصادية
لكنها مسيسة ولا توجد لا عدلة اجتماعية ولا حرية فردية.  وتم التأكيد على
ضرورة فتح معبر فيشخابور "سيمالكا" إضافة للأمور الانسانية للتجارة
لتخفيف معاناة الداخل وضرورة وضع قانون للمعبر يسمح بحرية الاستيراد
والتصدير وفتح المجال للمنافسة، وأكد المحاضر على أهمية إعطاء للمجال
للخبراء وأصحاب الشهادات العليا ليلعبوا دورهم كل واحد حسب تخصصه.

البريد الالكتروني:
kak.suri2006@gmail.com
صفحة الفيسبوك:
https://www.facebook.com/Komela.Aborinasen.Kurd.li.Suri2006?ref=hl



ارسل تعليق

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.