ظاهرة المتأخرات في سن الزواج (العنوسة) أسبابها، آثارها، والحلول المقترحة

خورشيد عليكا -عضو جمعية الاقتصاديين الكرد- سوريا
تُعرف (العنوسة) حسب العديد من الدراسات الأكاديمية بأنها بقاء الفتاة ما فوق الخامسة والثلاثين والشاب ما فوق الأربعين سنة من دون زواج. وإن (العنوسة) آفة تكاد اليوم تكون موجودة في كل بيت فلا يكاد يخلو بيت أو شارع من شوارع المنطقة الكردية
 
من وجود شاب أو فتاة بلغت سن الزواج أو تجاوزته ولم تتزوج بعد، خاصةً مع إزدياد نسبة الإناث عن الذكور مع دخول الأزمة السورية عامها الرابع حيث اقتربت في سوريا نسبة الإناث من حدود 60% بينما نسبة الذكور إلى حدود نسبة 40% بداية عام 2014، حيث كانت هذه النسبة نهاية عام 2000 بنسبة 49% للإناث وبنسبة للذكور 51%. 
 
حيث كشفت الأرقام السورية غير الرسمية في نهاية عام 2012 أن أكثر من 50%من الشبان السوريين الذين وصلوا إلى سن الزواج عازفون عن الزواج أو عجزوا عنه. كما بين تقرير نشرته إذاعة هولندا العالمية في رصد إحصائيات لعام 2013 عن نسبة (العنوسة) في الوطن العربي، حيث أظهرت الإحصائيات أن أعلى نسبة سجلت في لبنان بنسبة 85% أي أنه في لبنان 15% فقط من الفتيات اللبنانيات وفقن في الحصول على الشريك، بينما في سوريا والعراق سجلت نسبة 70% أي أنه في سوريا والعراق 30% فقط من الفتيات السوريات والعراقيات وفقن في الحصول على الشريك، في حين سجلت فلسطين أقل نسبة 7% فقط أي أنه في فلسطين 93% من الفتيات الفلسطينيات وفقن في الحصول على الشريك. وهذه الأرقام مرشحة للارتفاع في سوريا بفعل تغير البنية الاجتماعية وارتفاع معدل الزواج والأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها. حيث بلغت عدد الفتيات في سن الزواج غير المتزوجات بالنسبة إلى الشباب من 3 إلى 4 فتاة مقابل شاب واحد.
 
أهم الأسباب الرئيسية لظاهرة المتأخرات في سن الزواج (العنوسة)
 
-الفقر والهجرة والتشرد وأرتفاع معدلات البطالة وعدم القدرة على تأمين العمل والمسكن الملائم.
 
-التفاوت العلمي بين المرأة والرجل بالإضافة إلى المستوى الاجتماعي والتعليمي.
 
-طموح المرأة يعلو أكثر فأكثر من الناحية المهنية تحديدا،ً كما أن طموحها في أن تكمل تعليمها للحصول على الشهادات العلمية وبالتالي تأجيل فكرة الزواج خلال الدراسة، وتأمين حياتها الخاصة بها واستقرارها المادي.
 
-المغالاة في المهور وأرتفاع تكاليف الزواج.
 
-إنتظار الفتاة فارس الأحلام بكامل المواصفات ورفض المتقدمين لها.
 
-تدخل الكثير من العائلات والأهل في أختيار زوج الفتاة.
 
-عدم قبول الفتاة بالمتزوج من امرأة أخرى (متوفاة أو مطلقة..).
 
-السمعة السيئة على الفتاة أو أهلها يؤدي إلى جنوح الشباب عن زواجها وعدولهم عن خطبتها.
 
-المشاكل الأسرية وأستفحال النزاعات والخلافات في البيوت سبب في صرف الناس عن خطبة الفتاة.
 
-بعض الفتيات المرموقات والذكيات ربما يصيبهم الغرور وتأخذها العزة بالكبر إلى الاعتقاد أن زوجها لا يكون إلا رجل في مستواها وفي مقامها وأن لا أحد يستحقها إلا من كان فارس أحلامها أو خيالاتها.
 
-تكوين نظرة لدى الفتاة الموظفة حتى بعض أفراد من عائلتها بأن من يخطبها يطمع في راتبها وبالتالي رفضهم الكثير من الخاطبين.
 
-فشل العلاقات العاطفية وعدم إيجاد الشريك المناسب، ووضع أسرتها الاقتصادي تؤثر في إتخاذها قرار الزواج.
 
-(العنوسة) ليست قسرية في أغلب الأحيان، بل اختيارية بمعنى أنها تتم بمطلق الإرادة وبكامل التصميم، وربما يكون ذلك بعدم الرغبة في تحمل مسؤولية الأسرة والأطفال، وقد يكون لأسباب نفسية تعرض لها أحد الطرفين.
 
-الرفاهية الزائدة للأبناء التي تؤدي إلى الانحراف وعدم التفكير في الزواج.
 
     أهم آثار المتأخرات في سن الزواج (العنوسة) على الفتاة والمجتمع
 
أولاً-الآثار الفيزيولوجية: منحنى الخصوبة في المرأة تبدأ من سن 18 إلى 35 عاماً ويصل ذروته في سن 30 عاماً ويبدأ المنحنى في الهبوط. وبالتالي فالفتاة المتزوجة في سن متأخرة تقل فرص الحمل لديها، إما الرجل فتأخر الزواج لديه لا يؤثر على الإنجاب إطلاقاً ما لم يكن يعاني من أمراض الجهاز التناسلي أو أرتفاع ضغط الدم أو أي مرض عضوي أخر.
 
ثانياً-الآثار النفسية: إن إخفاق المرأة في الحصول على شريك شرعي يحرمها من سعادة تتمناها وتترقبها والتي تنحصر في تحقيق ذاتها كربة أسرة بعيداً عن أسرة والدها، وإن إخفاق المرأة في الحصول على شريك يحاصرها بكوابيسه المخفية من وحدانية ودونية وقلق واكتئاب.
 
وتوصلت الباحثة أيت مولود يسمينة من جامعة مولود معمري- تيزي وزو- في رسالتها في الماجستير من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في الجزائر والتي نشرت في عام 2012، بعنوان: (تقدير الذات وعلاقتها بظهور السلوك العدواني عند النساء المتأخرات في سن الزواج "دراسة مقارنة")، إلى نتيجتين هامتين: الأولى: على وجود علاقة أرتباط إيجابية بين تأخر سن زواج المرأة والسلوك العدواني فكلما تقدمت المرأة في السن ولم تتزوج إلا وازدادت عدوانيتها أكثر فأكثر تجاه محيطها والمجتمع وأحياناً تجاه نفسها. والثانية: على وجود علاقة أرتباط سلبية بين تأخر سن زواج المرأة وتقديرها لذاتها فكلما أرتفع سن المرأة ولم تتزوج أنخفض تقديرها لذاتها أكثر فأكثر وهذا يرجع إلى شعورها بالقلق والتهديد بالخجل والخوف من بقائها وحيدة بعد رحيل والديها وزواج أخواتها بالإضافة إلى إحساسها بالنبذ والتهميش والرفض من المجتمع.
 
ثالثا-الآثار الاجتماعية: تزداد المشكلة سوءاً لدى الفتاة التي لا تعمل ففي العديد من العائلات لا زالت الفتاة التي يتأخر سن زواجها تعاني من ضغوط اجتماعية وأسرية والكل يحاول استغلالها من أخواتها ووالديها فهم يريدوها أن تخدم عليهم وإذا تزوج أخواتها أن تخدم عليهم وعلى زوجاتهم. وإضافة إلى الآثار السابقة على الفتاة هناك آثار أخرى على الأب والأم والأخت الصغرى والأخوة والأخوات المتزوجات.
 
أهم الحلول المقترحة للتقليل من ظاهرة المتأخرات في سن الزواج (العنوسة)  
 
-إن توفر الاستقرار السياسي والاقتصادي سيخلق بيئة اجتماعية مستقرة للشباب.
-وضعت طالبات جامعيات من الخليج صورة لمجموعة منهن على تويتر وقد أشرن بأصابعهن الأربعة في إيحاءً منهن إلى جواز التزوج من أربعة زوجات. (مع أني لست مع فكرة تعدد الزوجات).
-التخفيف من غلاء المهور، وعدم تثقيل كاهل الشباب بالمصاريف الزائدة.
-الابتعاد عن الترتيب بين الفتيات في الزواج.
-دفع قروض للزواج وإنشاء صناديق لها.
-على الجمعيات الخيرية إقامة أعراس جماعية، ودفع مكافأة للمتأخرين في سن الزواج للتزوج.
 
وبالتالي فإن المتأخرات في سن الزواج (العنوسة) هي كلمة مؤلمة على النفس تخاف منها معظم الفتيات الواقعات أصلاً بين مطرقة الآراء وسندان العادات والتقاليد ونظرة المجتمع، وهي معاناة إنسانية تهدد البناء الاجتماعي، وتعتبر واقعاً سلبياً يهدد مستقبل المجتمع بتراجع نموه الديمغرافي وتناقص القوة العاملة، ولا بد من البحث عن المزيد من الحلول للتقليل من هذه الظاهرة، وآثارها على المرأة والمجتمع. وتقديراً لمشاعر المرأة لا بد من التأكيد على مصطلح المتأخرات في سن الزواج بدلاً من مصطلح (العنوسة). 
 
نشر في جريدة حزب يكيتي الكردي في سوريا عدد (202) شهر نيسان 2014
 
البريد الالكتروني:
kak.suri2006@gmail.com
 
صفحة الفيسبوك:
 
KOMELA ABORÎNASÊN KURD - SÛRÎ
جمعية الاقتصاديين الكُرد- سوريا
Komeleyeke zanistî, di karûbarên
aborî de şareza ye, li herêma Kurdî
جمعية علمية مختصة بالشؤون الاقتصادية
في المنطقة الكُردية