جان كورد : لماذا الندوة التي نقيمها في هذا الوقت بالذات؟

2014-08-14

 
يجدر بنا الاعتراف قبل كل شيء بأن الإمكانات المادية للمجلس هي التي حالت دون الإقدام على عقد ندواتٍ من قبلنا فيما مضى، سوى واحدةٍ منها، للتشاور والتباحث حول الشؤون الكوردية والسورية،
ولكن الظروف السيئة والقاسية التي تمر بها الثورة السورية المجيدة عموماً والحركة الوطنية الكوردية السورية خصوصاً تفرض نفسها علينا الآن وتجبرنا رغم ضحالة إمكاناتنا أن نتواصل مع عقلاء ومثقفي وناشطي شعبنا، ولو بجهدٍ كبير لا نقدر عليه دائماً، لذا نحن على أمل أن تتجاوب معنا الحركة السياسية الكوردية وأطراف من المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية للجلوس إلى بعضنا بعضاً، سعياً من أجل مزيدٍ من التقارب والتضامن ضمن البيت الكوردي الذي هو جزء هام من هذا البناء الكبير المتعدد الحجرات الذي اسمه سوريا.                                                                                                                                                                  
إن الأوضاع والأحداث التي تسير خلالها حركتنا السياسية الكوردستانية عامةَ تفرض علينا جميعاً القيام بكل ما من شأنه دعم قيادة شعبنا في جنوب كوردستان لأن هناك " جنوسايد" جديد ضد شعبنا، لا يقل خطورة عما حدث لشعبنا بسبب الهجمات العدوانية لجيش صدام حسين على مدينة حلبجة بالسلاح الكيميائي في عام 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 7000 إنسان من المدنيين العزل. وعليه يتطلب الوضع الخطير النقاش حول سبل معالجة الأمور المستجدة وفي مقدمتها محاولة التنظيمات الإرهابية، ومنها داعش لإبادة الكورد  الأزداهيين، والمشكلة هي مشكلة كوردية قبل أن تكون عراقية أو سورية أو دولية، على الرغم من أن أسباب نشوئها ناجمة عما في هاتين الدولتين المتجاورتين من اضطرابات وتوترات ونزاعات مسلحة، طائفية وسياسية عامة.  ولكن النار تحرق أرضانا وشعبنا وأملاكنا نحن الكورد من جراء هذا الهجوم الإرهابي الغادر على شعبنا في جبال شنكال وسواها.                                                                                                
من ناحية أخرى، نجد أن ملاييناً من السوريين، بينهم عدد هائل من أبناء وبنات شعبنا الكوردي في حالة هلعٍ وقلق بسبب تزايد نشاطات وهجمات المنظمات الإرهابية في البلاد السورية، وبسبب استمرار النزاعات الدموية فيها، بين قوات النظام المدعومة بالتنظيمات الموالية والمرتزقة القادمين من خارج البلاد، وبين قوى الثورة السورية العاملة على اسقاط النظام كلياً، وكذلك النزاعات بين هذه القوى وبين التنظيمات التكفيرية المتطرفة التي أخطارها لا تقل على الشعب السوري عن أخطار بقاء واستمرار النظام الأسدي، وهذا يدعونا إلى مناقشة واسعة أيضاً حول مختلف النقاط المتعلقة والأسئلة المطروحة حول هذه الأوضاع السورية عامةً  والكوردية منها خاصةً.                                                                                                                               
منذ نشوء المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا الذي تعرّض إلى هزاتٍ قوية بسبب المواقف المتشنجة السلبية تجاهه من قبل بعض أحزابنا الكوردية السورية، وهو لم يتوقف عن نشاطاته المدروسة لكسب مزيدٍ من الأصدقاء والحلفاء لشعبنا الكوردي ولقضيتنا القومية، الوطنية والديموقراطية، في غرب كوردستان. وتمكّن المجلس من إثارة انتباه العديد من الأصدقاء بدون أن يكون له تنظيم حزبي لأنه ليس حزباً، وبدون أن تكون له كتائب مسلّحة على الأرض لأنه ليس تنظيماً مسلحاً،  وإنما العمل وفق خطة جيدة، رغم قلة الإمكانات المادية، والتسلّح بالصبر والحكمة حيال تلك المواقف السلبية التي أظهرتها شرائح من المثقفين ومن الحزبيين تجاه نشاطاته على الصعيد الخارجي.  فالواجب القومي كان الدافع وليس الرصيد التنظيمي أو الحشد الجماهيري وراءه.                                                                                                                              
لقد عمل المجلس على اللقاء بالعديد من الشخصيات الفاعلة في مراكز النشاط السياسي في الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية، واعتبر القضية الكوردية السورية مجال حراكه المستمر، وحدد له أهدافاً أهمها تحقيق الحرية والديموقراطية وصون حقوق الإنسان في سوريا، وتحقيق نظامٍ لا مركزي (فيدرالي) يصون لسائر مكونات الشعب السوري وللشعب الكوردي حقه في إدارة نفسه فعلياً حسب القوانين الدولية وفي ظل دستورٍ سوري حديث، وهذا تطلّب في المجلس أمرين هامين: - تحديد الخارطة الحقيقة والفعلية لما نسميه ب"كوردستان سوريا" أو "غرب كوردستان"، والاتصال بأطراف المعارضة السورية، الوطنية والديموقراطية، لا قناعها بأن الكورد ليسوا محتلين ولا مهاجرين أو  لاجئين، وبأنهم يناضلون على أرض وطنهم بأساليب سلمية سياسية ديموقراطية، ولا يريدون سوى حقوقهم العادلة حسب مبدأ حق تقرير المصير، ضمن حدود سوريا حديثة قائمة على العدل والتوافق والحياة الديموقراطية التي تصون حقوق كافة مكناتها القومية والدينية، وليس حقوق فئة تسود على سواها من المكونات الأخرى بذرائع دينية أو عنصرية لا تجلب لسوريا سوى المزيد  من التمزَق والنزاعات الداخلية.                                                                  
يرى المجلس ويركّز على نهجه هذا في كل لقاءاته مع الخبراء والسياسيين والعسكريين، على الصعيد الدولي، أن الشعب الكوردي يسعى للعيش مع المكونات المختلفة في سوريا، دون تمييز أو اقصاء، وهو مستعد لتحمل مسؤولياته في كل المجالات من أجل الدفاع عن سوريا وسيادتها وتضامن شعبها وحريته وتقدمه.                                                                                                                                                                               
ويؤكّد المجلس على أن طلباتٍ كثيرة كانت ولا تزال ترد عليه من أبناء وبنات شعبنا الكوردي من سوريا وخارجها، من مدنيين وعسكريين، تدعم جهوده وتبدي الاستعداد للعمل والتنظيم ضمنه، إلا أن المجلس قد ترك أمر فتح أبواب الانتساب للأفراد  إلى ما بعد ندوته المزمع عقدها في 31/8/2014 للبت في الأمر ولإقراره في اجتماعٍ لقيادته بعد دراسة المسألة من مختلف وجوهها، وإلا فإنه سيبقى بدون تنظيمات تابعة له، ولكنه سيكثّف من علاقاته مع أطراف الحركة الكوردية في سوريا وفي كوردستان لكسب مزيدٍ من التأييد لنضالاته وإيماناً منه بأن من الضروري أن تتخلّص الأحزاب الكوردية السورية من مواقفها السلبية تجاهه والعمل  إلى جانبه في الاتجاه الصحيح الذي بني على أساسه هذا المجلس.                                              
جان كورد   
المتحدث الإعلامي       
للمجلس الوطني الكوردستاني – سوريا
Encumena Niştimanî Kurdistanî – Sûriye
KURDNAS