حوار الحضارات عبر نافذة موسيقية

نشوة جابت أطراف القاعة ولامست شعور كل حاضر هناك وتراقصت معها على أنغام البزق والعود وعادت إلى الحلم والتأمل مع الكمان والكونترباص والقانون ثم أحيت التراث واستغرقت في الهوى مع أعذب الأصوات..

هكذا أطلت فرقة جسور في حفلها التأسيسي الأول على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون وهذه الفرقة التي تتألف من ثمانية موسيقيين أكاديميين ينتمون إلى بيئات ثقافية مختلفة ويطمحون إلى تقديم موسيقا وغناء بلاد الشام والرافدين بلغة مبتكرة جديدة، كذلك يسعون إلى أن يكوّنوا جسوراً تربط بين ثقافاتهم الموسيقية المختلفة باختلاف بيئاتهم من جهة ونقل تلك الثقافات إلى العالم بطريقة تليق بها من جهة أخرى.. لذلك تنوعت مقطوعاتها بين السماعي عجم لمحمد عبد الكريم، ورقصة الغجرية لغانم حداد من العراق وسماعي نهاوند لروحي الخماش من فلسطين ثم وصلة غنائية وعودة إلى سماعي كرد لعثمان يوردال توك جان من تركيا وعرس على الجبل تراث كردي إعداد سليم سالم ورقصة ستي تراث حموي «عمر نقشبندي» وكذلك وصلة غنائية لـ«بشرى محفوض» ومقطوعتان لسولاف لغانم حداد وكفوكم ليه ليه «تراث كردي».
وفي هذا يقول صلاح عمو مدير الفرقة وعازف البزق: نحلم ببناء جسور بين هذه البيئات فهي متقاربة ومتآلفة وإذا لم نلتق في السلم الموسيقي فقد التقينا في البيئة نفسها، وتوجهنا الحقيقي اليوم تقديم الأصالة ففرقتنا عبارة عن تخت شرقي والغاية منها الثقافة عبر الموسيقا وبذلك أردنا البدء من بيئتنا الثقافية والمحلية لأن الفنان إذا لم ينطلق من بلده فلن يستطيع ترجمة فنونه إلى البلدان الأخرى ومثال ذلك الفنان منير بشير الذي استطاع النجاح فهو يقدم محليته بطريقة جميلة جداً.
ويضيف: لذلك قدمنا التراث بلون موسيقي بعيد عن الهارموني والكونتربوان وأنجزنا هذا اللون عبر اللعب بالديناميكية للعمل الموسيقي والتوظيف الحسي للعازفين، ونعتقد أن التراث يجب أن يقدم كما هو وقد يكون بلغة أخرى وفي الوقت ذاته تهمنا الأصالة وخاصة تلك التي غابت في غياهب الزمان رغم تطبعها بالبيئة التي نشأت فيها.. فنحن كفرقة يهمنا أيضاً علاقة الأمكنة بالموسيقا كفكرة وكبعد ثقافي فلماذا لا نعكس هذا التعايش موسيقياً وننقله ثقافياً لنخبرهم بأننا نعيشه على أرض الواقع.
ثم يعود ليقول:
نشكر دار الأسد ود. نبيل تللو الذي قدم لنا مسرح دار الأسد، لنقدم أطروحتنا الموسيقية الثقافية، فقد واجهنا العديد من الصعوبات فليس لدينا ممول أو حتى مكان نتدرب فيه ورغم ذلك تابعنا تحقيق الحلم انطلاقاً من محبتنا للموسيقا.
وصلاح عمو مدير الفرقة وعازف البزق خريج أيضاً في المعهد العالي للموسيقا وعضو في الفرقة الوطنية للموسيقا العربية ومدرس في كلية التربية الموسيقية في حمص كما شارك في مشروع الفن المقيم في كوبنهاكن في إطار مهرجان «صور من الشرق الأوسط» بالإضافة إلى حفلات صولو في نفس المهرجان وشارك أيضاً في مهرجان المدينة في تونس حيث قدم حفلة ثنائية مع عازف البيانو شادي الغرفي.
وتكونت الفرقة أيضاً من سليم سالم عازف عود ومؤلف موسيقي من بغداد وفراس حسن عازف إيقاع وهو خريج المعهد الوطني للموسيقا «بيروت» ووسيم قاسم عازف كونترباص عضو في الفرقة الوطنية للموسيقا العربية والفرقة السيمفونية الوطنية السورية ومزكين محمد عازف كمان وهو عضو في الفرقة الوطنية للموسيقا العربية ومحمد خضر عازف قانون من بغداد ونبيل عبد السلام عازف تشيللو وهو حاصل على دبلوم فني في صناعة الآلات في سورية، وصاحب هذا الإبداع الموسيقي صوت عذب لكل من ليندا بيطار وبشرى محفوض، وبذلك قدمت الفرقة إطاراً فنياً ممزوجاً بالرغبة والمحاولة لتجسيد الموزاييك الموسيقي لهذه المنطقة.

رامان آل رشي ..... صحيفة الوطن