[size=18]سليم بركات بين السطور :

لم تشهد ساحة أدبية حالة خاصة مثل سليم بركات ذلك المسكون بالشجن المفعم بالشعر والمطارد بالرواية , حين يأتي الحديث عن سليم بركات يجد المرء نفسه في حالة حيرة شديدة من أمر هذه الروح التي خطفت الألباب بسحر شعرها وبغزارة روايتها ,لا يمكن إغفال سليم بركات كشاعر كما لا يمكن إغفاله كروائي متميز سرقته الرواية من أجواء الشعر الكردي الحديث الذي يعد من رواده في سوريا بلغته الخاصة المميزة الحية ,حيث دائماًَ ما يتم الإشارة إلى أن الأصوات الشعرية الحديثة جميعها لم تخرج من عباءة (جكرخوين ) أو ( سليم بركات ) .
تميزي كتاباته شعراً ونثراً باستحداث الصور وبروز المسوخ اللامرئية
والماورائيات مبتعداً عن الواقعية الجامدة , ويتميز أسلوبه بنوع من الغرابة
وتدور الأحداث في أجواء غير اعتيادية كما يحرص على اختيار شخصيات بعيدة عن الواقع .
اهتم سليم بركات بالكفاح القومي الكردي والعربي , كتب عن القضية الفلسطينية ونضال الفصائل الفلسطينية في جنوب لبنان الذي انخرط فيه سليم بركات بنفسه شعراً ونضالاً مسلحاً
كتب روايته ( كنيسة المحارب ) حول نضاله في الجنوب اللبناني .
اهتم سليم بركات بالتأريخ الذاتي وأدب السيرة حيث كتب سيرة الصبا في رواية (هاته عالياً هات النفير على آخره) التي صدرت في العام 1982وكذلك كتب في سيرة الطفولة في روايته ( الجندب الحديدي ) عام 1980 , بينما يعتبر سليم بركات أن أول رواياته هي ( فقهاء الظلام ) والتي صدرت في العام 1985.
يبلغ إنتاج سليم بركات عشرة أعمال نثرية وعشرة دواوين شعرية أولها كانت المجموعة الشعرية ( كل داخل سيهتف من اجلي وكل خارج أيضاً)
التي أصدرها في العام 1973 وآخرها المجموعة الشعرية ( المثاقيل ) التي صدرت في العام 2000.
اهتم سليم بركات بالشعر القصصي ذي النكهة الحداثية ,يرصّع لغته بالسحر وكلماته باللاممكن ,فحين نقرأ سليم بركات نشعر بأجواء خاصة تبتعد بنا عن أرض الواقع لتحلق في سماء الشعر والأمنيات والخيال ,فنراه يقول في قصيدة ( استطراد في سياق .......مختزل ) :

إنها البراهين ٌ الحمّى ,
وأنت تظللِّها بالحبرِ من تهتُّك اليقين ,
وتٌوقِِِعٌ بالكلماتِ لتغفوَ البراهينُ على شِجارها.
لا ديكة هنا ،
لكنها أَعراف ُ النارِ المتمايلة ُ كأعرافِ الديكة ,
والوجودُ المارقُ يروِّع السياقَ المكنون َ للظهورات ْ .
لا بلاءَ هنا إلا من وردِ ....,
لا مزراقَ طائشاًَ إلا مزراق الكونْ ؛
والبرقُ زراية ُ الليلِ بالمكان ,
ثمَّ...........
والمياهُ هُزوٌ ,
فمالك َ تتلقفُ المشيئاتِ بشعاع ٍ ..... منكوب .....,
وتُغدقُ على الألم ِ إيمان َ المساء ؟
سليم بركات شاعر المحال وروائي النضال والبارود , يتجلى دائماًَ في دواوينه ورواياته بهموم الإنسان الكردي على نغمة شجنية واحدة ,
وحاول الكثير من الشعراء الأكراد المعاصرين تقليد سليم بركات والسير على نهجه في كتابة القصيدة إلا أنه لم يتمكن أي منهم من رسم خط شعري كما رسمه سليم بركات .

شكراًَ لاهتمامكم ......ROJKEN GODI

[/size]