ماركيز الصحافي الذي عانى سنوات الجوع

6 ردود [اخر رد]
User offline. Last seen 12 سنة 7 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 25/01/2006

ولد غابرييل خوسيه غارسيا ماركيز في السادس من مارس عام 1928 في أراكاتاكا مع أن والده يدعّي أنه ولد في 1927، ولأن والديه كانا فقيرين ولا زالا يكافحان، فقد وافق جدّيه على مهمة تربيته، وهذه كانت عادة شائعة في ذلك الوقت. لسوء حظه كان ذلك العام آخر سنوات الانتعاش الاقتصادي لتجارة الموز في أراكاتاكا بسبب الضربة التي وجهها الإضراب للمدينة، والانتقام الشرس الذي تعرضت له. ففي ذلك العام أطلق النار على أكثر من 100 من المضربين في ليلة واحدة، ثم دفنوا في قبر جماعي، كانت هذه بداية حزينه لحياة ماركيز، بداية عادت لتطفو على السطح في كتاباته فيما بعد.
كانت كنيته التي ينادى بها هي غابيتو "غابرييل الصغير". كان صبياً هادئاً خجولاً، مفتون بقصص جدّه وخرافات جدته، وعداه هو وجده كان البيت بيت نساء، ذكر ماركيز فيما بعد أن معتقداتهن جعلته يخشى مغادرة مقعده، نصف رعبه كان من الأشباح التي كن يتحدثن عنها، ومع ذلك كانت هذه الحكايات هي بذور أعماله المستقبلية. قصص الحرب الأهلية، وقصة مذبحة الموز، وزواج والديه، والمزاولات اليومية للطقوس المتعلقة بالخرافات، إضافة إلى حضور ومغادرة الخالات، وبنات جّده غير الشرعيات كل هذه الأمور كتب عنها غارسيا ماركيز فيما بعد قائلاً: "أشعر أن كل كتاباتي كانت حول التجارب التي مررت بها وسمعت عنها وأنا برفقة جدي".
مات جده عندما كان لا يزال في الثانية عشرة من عمره ونتيجة لذلك ساءت حالة عمَى جدته، فذهب ليعيش مع والديه في سوكر، حيث يعمل والده كصيدلاني. بعد أن وصل إلى سوكر بفترة وجيزة، قرر والداه أنه قد آن الأوان ليتلقى تعليمه بشكل رسمي، فأرسلا به إلى مدرسة داخلية في بارانكويللا، وهي مدينة تقع على ميناء نهر ماغدالينا، هناك اشتهر عنه خجله وقصائده الظريفة التي كان يكتبها، ورسومات الكاريكاتير التي كان يقوم برسمها. بشكل عام كان جاداً وغير رياضي إلى درجة أن أقرانه في الفصل أطلقوا عليه كنية " الرجل العجوز". في عام 1940 عندما كان لا يزال في الثانية عشرة من العمر، حصل على بعثة دراسية لمدرسة ثانوية للطلبة الموهوبين، كان يدير المدرسة اليسوعيون المتدينون، وكانت هذه المدرسة التي تسمى الليسو ناسيونال في مدينة زيباكويرا التي تبعد 30 ميلاً إلى الشمال من العاصمة بوغوتا، كانت الرحلة إليها تستغرق أسبوعاً، في ذلك الوقت وصل إلى نتيجة وهي أنه لا يحب بوغوتا. كانت أول مرة يرى فيها العاصمة، وجدها كئيبة وظالمة، وتجربته هذه ساعدته على تأكيد هويته ككوستينو.
وجد نفسه في المدرسة مهتماً بدراسته إلى أقصى حد، وفي الأمسيات كان يقرأ على زملاؤه في السكن الداخلي محتوى الكتب بصوت مرتفع، ولشدة دهشته رغم أنه لم يكن قد كتب شيئاً مهماً بعد، حبه للأدب، ورسوماته الكاريكاتيريه، وقصصه ساهمت بشهرته بينهم ككاتب، وكانت هذه السمعه بمثابة النجمة التي اهتدت بها سفينة خياله.
بعد تخرجه عام 1946 عندما كان في الثامنة عشرة من العمر حقق أمنية والديه بالالتحاق بجامعة يونيفيرسيداد ناسيونال في بوغوتا كطالب لدراسة القانون بدلاً من الصحافة.
خلال تلك الفترة التقى غارسيا ماركيز زوجة المستقبل أثناء زيارة لوالديه حيث تم تعريفه على فتاة في الثالثة عشرة من العمر تدعى مرسيدس بارتشا باردو. كانت شديدة السمرة وهادئة، انحدرت من أصول مصرية، يقول ماركيز أنه وجد أنها "أكثر إنسان ممتع قابله في حياته"، وبعد تخرجه من الليسيو ناسيونال، أخذ إجازة قصيرة مع والديه قبل الذهاب إلى الجامعة، وأثناء تلك الفترة طلب يدها للزواج، وافقت على شرط أن تنهي دراستها أولاً، وقامت بتأجيل الخطوبة، ومع أنهم لم يكونوا ليتزوجوا قبل أربعة عشر عاماً إلا أنها وعدته بأنها ستخلص له.
مثله مثل العديد من الكتّاب اللامعين الذين التحقوا بالكليات من أجل التعليم في مجال كرهوه تماماً، وجد غارسيا ماركيز أنه لا يوجد لديه أي اهتمام في دراسته، وأصبح كسولاً الى درجة كبيرة، فبدأ بالتخلف عن حضور المحاضرات، وأهمل دراسته، ونفسه كذلك. كان يفضّل التجول في بوغوتا، والتنقل في مواصلاتها، وقراءة الشعر بدلاً من دراسة القانون. تناول طعامه في المقاهي الرخيصة، ودخن السجائر، واختلط بالمشبوهين المعتادين مثل الاشتراكيون المثقفون، والفنانون المتضورون جوعاً، والصحفيون الواعدون. وفي يوم ما، تغيرت حياته بأكملها من خلال قراءة كتاب واحد بسيط، وكأن كل خيوط القدر قد أصبحت فجأة بين يديه، عندما حصل على نسخة من كتاب كافكا " التحوّل ". كان لهذا الكتاب أكبر الأثر على غارسيا ماركيز، حيث جعله يدرك أنه لم يكن على الأديب أن يتبع رواية معينة، أو يتحدث عن نفسه على شكل قصة تقليدية. هذا التأثير حرره، يقول :" فكرت في نفسي.. لم أعرف إنساناً قط كان مسموحاً له بالكتابة بهذا الأسلوب، لو كنت أعرف لكنت بدأت الكتابة منذ زمن طويل" وأبدى ملاحظة أخرى قائلاً : " إن صوت كافكا كان له نفس الصدى الذي امتلكته جدتي، كانت هذه هي طريقتها التي استخدمتها في رواية القصص، حيث تحدثت عن أغرب الأحداث، بنبرة صوت طبيعية تماماً".
أول عمل بدأه هو " أن يلحق بما فاته" من الأدب الذي لم يكن قد اطلع عليه، بدأ بالقراءة بنهم شديد، التهم كل ما وقعت عليه يداه من مادة، وبدأ أيضاً بكتابة قصص الخيال، وتفاجأ هو شخصياً بقصته الأولى " الاستقالة الثالثة" عندما نشرت عام 1946 في صحيفة بوغوتا الليبرالية " الإسبكتيتور" ( حتى أن ناشره المتحمس مدحه وقال عنه " العبقري الجديد للكتابة الكولومبية ")، دخل بعدها غارسيا ماركيز مرحلة الإبداع بكتابة عشرة قصص أخرى للصحيفة خلال السنوات القليلة اللاحقة.
وككاتب إنسانيات من عائلة متحررة، كان لاغتيال غيتان عام 1948 تأثير كبير على غارسيا ماركيز، حتى أنه شارك في مظاهرات البوغوتازو، مما تسبب بحرق مقره جزئيا. أغلقت في تلك الفترة كلية اليونيفيرسيداد ناسيونال، مما عجّل بانتقاله الى الشمال الأكثر أمناً، حيث انتقل الى جامعة كاراتاغينا، هناك تابع دراسة القانون بفتور، وأثناء ذلك كان يكتب عموداً يومياً لصحيفة اليونيفيرسال، وهي صحيفة كارتاغينيه محليه. في النهاية قرر أن يتخلى عن محاولاته في دراسة القانون عام 1950، وتكريس نفسه للكتابة، وانتقل ليعيش في بارانكويللا، وخلال السنوات القليلة التي تلت، بدأ بالاختلاط بالدائرة الأدبية التي يطلق عليها اسم إيل غروبو دي بارانكويللا، وتحت تأثيرها بدأ يقرأ أعمال همنجواي، و جويس، وولف، والأهم من كل هؤلاء فولكنر. كذلك وقعت يده على دراسة عن الروائع الأدبية وجد من خلالها الإلهام الكبير في أوديبوس ريكس التي كتبها سوفوكليس. أصبح كل من فولكنر، وسوفوكليس أكبر تأثير مرّ عليه في حياته خلال أواخر سنوات الأربعينات وبداية الخمسينات، بهره فولكنر في مقدرته على صياغة طفولته على شكل ماضٍ أسطوري، مخترعاً بلدةً ووطناً ليستطيع أن يسكن مادته النثرية فيهما، وفي كتاب يوكنا باتاوفا وجد غارسيا ماركيز بذور الماكوندو، ومن كتاب أوديبوس ريكس، وأنتيجون لسوفوكليس وجد الأفكار لحبكة رواية تدور حول المجتمع، وإساءة استخدام السلطة فيه. بدأ يشعر غارسيا ماركيز بعدم الرضا عن قصصه التي كتبها مبكراً، وأصبح ينظر إليها على أنها مشتّتة وبعيدة عن تجاربه الخاصة. كان يقول :" كانت بكل بساطة عبارة عن تفاصيل ذكية، ليس فيها ما يربطها بالواقع ". علمّه فولكنر أن على الكاتب أن يكتب عن أقرب الأشياء إليه، وحيث أن غارسيا ماركيز كان يكابد مع وحّيه.. لم يدري ماذا كان عليه أن يقول؟
هذه الأفكار منحته الشكل الذي يبحث عنه عندما عاد برفقة والدته الى بيت جدته في أراكاتاكا، لتجهيز البيت من أجل بيعه، حيث وجدوا البيت في حالة مزرية وبحاجة للكثير من الإصلاح، ومع ذلك، أثار هذا البيت المسكون بالأشباح في رأسه زوبعة من الذكريات استحوذت عليه، في الحقيقة بدت المدينة بأكملها وكأنها ميتة، أو مجمّدة في التاريخ. كان قد بدأ فعلاً في رسم الخطوط العريضة لقصة تعتمد على تجاربه هناك، رواية كان يريد أن يطلق عليها بشكل مبدئي اسم لاكازا " البيت"، ومع أنه شعر أنه لم يكن مستعداً بعد لإتقان كتابتها، إلا أنه وجد جزءاً مما كان يبحث عنه وهو الإحساس بالمكان، ألهمته بها هذه الزيارة التي قام بها. وعند عودته الى بارانكويللا كتب أولى رواياته " عاصفة الورقة " بحبكة معدّلة عن أنتيجون، وأعاد نقلها الى البلدة الأسطورية، وأكمل كتابتها باندفاع نشيط من إلهامه، ومنح اسم " ماكوندو "لليوكاناباتاوا الأمريكية اللاتينية، وهي اسم مزرعة للموز قرب أراكاتاكا كان يذهب ليستطلعها وهو صبي.( ماكوندو تعني الموز في لغة البانتو). ولسوء الحظ في عام 1952، رفض القصة أول ناشر عرضت عليه، فحاصره الشك، والنقد الذاتي، ورمى بها في درج مكتبه. ( وفي عام 1955، وأثناء وجود غارسيا ماركيز في أوروبا الشرقية تم إنقاذها من مكان اختباءها في بوغوتا على يد أصدقاؤه، وأرسلوا بها الى ناشر، وهذه المرة نشرت ).
وعلى الرغم من شعوره بأنه منبوذ، وأنه على حافة الفقر، إلا إنه كان سعيداً، يعيش في بيت دعارة، محاطاً بالأصدقاء، ولديه عمل ثابت في كتابة أعمدة لصحيفة الهيرالدو، وفي المساء عمل على كتابة قصصه الخيالية، وتحدث مع رفقاؤه أثناء تدخين السجائر، وشرب القهوة. بعد ذلك عام 1953 حاصرته حالة من القلق، فجمع حاجياته، واستقال من عمله، وبدأ يبيع الموسوعات في لاغواجيرا مع صديق له، تنقّل من مكان الى آخر، وعمل على بعض أفكار القصص، وفي النهاية أصبح خطيباً لمرسيدس بارتشا بشكل رسمي، انتقل بعدها في 1954 مرة أخرى الى بوغوتا، وقبل بعمل هناك كأحد الموظفين في صحيفة السبيكتاتور، ككاتب للقصص والمقالات عن الأفلام.
هناك بدأ بمغازلة الإشتراكية، محاولاً أن يفلت من انتباه الدكتاتور غوستافو روجاز بينيللا في ذلك الوقت، وكان يفكر كثيراً في واجباته ككاتب في فترة العنف. وفي عام 1955 حصلت حادثة أعادته الى طريق الأدب، وأدت بشكل ما الى نفيه المؤقت من كولومبيا. في ذلك العام غرقت المدمرة الكولومبية الصغيرة " الكاداس " في مياه البحر العالية أثناء عودتها من كارتاغينا، وجرف العديد من البحارة عن ظهر المركب وماتوا جميعاً، عدا رجل واحد هو لويس اليخاندرو فيلساكو، الذي استطاع أن يعيش لمدة عشرة أيام في البحر متمسكاً بقارب نجاة. وعندما جرفته الأمواج الى الشاطيء، أصبح بسرعة مذهلة بطلاً قومياً، فاستخدمته الحكومة في الدعاية لها، قام فيلاسكو بعمل كل شيء، من إلقاء الخطب الى الدعاية لساعات اليد والأحذية، وفي النهاية قرر أن يقول الحقيقة.. كانت سفينة الكالداس تحمل بضائع غير مشروعة، وأغرقتهم مياه البحر بسبب إهمالهم وعدم كفاءتهم ! وبزيارته لمكاتب صحيفة ايل سبيكتاتور قدم فيلاسكو قصته لهم، وبعد تردد قبلوا بها. سرد فيلاسكو قصته على غارسيا ماركيز الذي تصرف ككاتب حقيقي، وأعاد صياغة قصته نثراً، ونشر القصة على مدى أسبوعين كاملين، تحت عنوان " حقيقة مغامرتي، قصة لويس اليخاندرو فيلساكو". وكانت القصة قد أثارت ردة فعل قوية، لكن تأثيرها كان سيئاً جداً على فيلاسكو الذي طردته البحرية من العمل، وكان يُخشى من أن بينيللا قد تطالب بمحاكمة غارسيا ماركيز، فأرسلته دار نشره الى إيطاليا لتغطية نبأ الموت الوشيك للبابا بيوس الثاني عشر، وبقاء البابا على قيد الحياة جعل رحلته دون فائدة، فرتب لنفسه رحلة حول أوروبا كمراسل، وبعد مراجعة للخطة في روما، بدأ بجولة في الكتلة الشيوعية، وبعد ذلك في نفس تلك السنة استطاع أصدقاؤه أن ينشروا له أخيراً روايته " عاصفة ورقة " في بوغوتا.
تجول غارسيا ماركيز مسافراً بين جنيف، وروما، وبولندا، وهنغاريا، واستقر في النهاية في باريس حيث وجد نفسه عاطلاً عن العمل، عندما أغلقت حكومة بينيللا مطابع صحيفة أيل سبيكتاتور. عاش في الحي اللاتيني من المدينة، حيث حصل على متطلبات معيشته على شكل ديون مؤجلة، واعتمد على طيبة قلب صاحبة البيت في تأجيل دفعات الإيجار، الى جانب حصوله على القليل من النقود مقابل إعادة الزجاجات الفارغة مقابل مبلغ التأمين المسترد. وهناك تأثر بكتابات همنغواي، وطبع حوالي إحدى عشر مسودة من روايته " لا أحد يكتب للكولونيل"، إضافة الى جزء من رواية إتسي بوبيلو دي ميردا " البلدة المكونة من الهراء"، وهو نفس الكتاب الذي أصبح فيما بعد يحمل عنوان " الساعة الشريرة" بعد الانتهاء من رواية الكولونيل سافر الى لندن، وفي النهاية عاد الى قارته، وطنه الأم ليس كولومبيا وإنما فنزويلا المكان المفضل للاجئين الكولومبيين، هناك أنهى روايته إتسي بيبلو دي ميردا، الذي كان معظمه حول فترة العنف. ومع أنه كان من الواضح تماماً أنه قد طوّر أسلوبه المتميز والخاص، إلا أنه لم يكن راضياً عن نفسه بعد. قصصه الأولى كانت دون عاطفة وغير واضحة المعالم. رواية " عاصفة الورقة " كان يدين بها لفولكنر، وروايتيه " لا أحد يكتب الى الجنرال" و " الساعة الشريرة" كانتا بعيدتان جداً عن ما كان يصبو اليه، أو الصورة التي كان يطورها منذ سنوات. كان على يقين أن عمله الحقيقي سوف يكون في المدينة الأسطورية ماكوندو، لكن كان لا يزال عليه أن يجد النغمة المناسبة التي يقول فيها روايته، وكان عليه أن يكتشف صوته الخاص.
في فنزويلا تعاون مع صديقه القديم بلينيو أبوليو الذي كان حينها محرراً في صحيفة ايلايت وهي صحيفة أسبوعية في كاراكاس، وطوال عام 1957 تجول كلاهما في دول أوروبا الشيوعية باحثين عن أجوبة وحلول لمشكلات كولومبيا، مساهمين بمقالات في دور النشر الأمريكية اللاتينية المختلفة. ومع إيمانهم بوجود شيء جيد في الشيوعية، إلا أن غارسيا ماركيز أيقن بشيء من الحزن بأن الشيوعية قد تكون سيئة بنفس مقدار درجة العنف التي مرت بها البلاد، وبعد مكوثه في لندن لمدة وجيزة، عاد غارسيا ماركيز مرة أخرى الى فنزويلا حيث كان يعمل صديقه مندوزا في صحيفة مومينتو، والذي عرض على صديقه القديم عملاً آخر. ثم بعد ذلك وفي 1958 جازف بالعودة الى كولومبيا بشكل مستتر، واختفى عن الأنظار متسللاً الى بلدته الأصلية، وتزوج بمرسيدس باتشا التي كانت تنتظره في بارانكويللا لسنوات طويلة، وبعد ذلك تسلل هو وعروسه مرة أخرى عائداً بها الى الى كاراكاس التي كانت تعاني من مشكلاتها الخاصة. وبعد أن نشرت صحيفة مومينتو بعض المقالات عن الخيانة الأمريكية، واستغلال الطغاة، أذعنت للضغط السياسي وأخذت موقفاً موالياً لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية بعد زيارة نيكسون المدمرة في مايو. مشحونين بالغضب من موقف صحيفتهما سلّم كل من غابرييل غارسيا ماركيز، وصديقه ميندوزا استقالتيهما.
بعد فترة وجيزة من تركه لوظيفته في صحيفة المومينتو، وجد غارسيا ماركيز نفسه هو وزوجته في هافانا حيث كان يغطي أحداث ثورة كاسترو، ألهمته الثورة فساعد من خلال فرع بوغوتا في وكالة أنباء كاسترو برنسالاتينا، وكانت بداية صداقة بينه وبين كاسترو استمرت حتى هذه اللحظة.
وفي عام 1959 ولد رودريجو الإبن الأول لغارسيا ماركيز، وانتقلت العائلة لتعيش في مدينة نيويورك، حيث كان مشرفاً على فرع صحيفة برنسا لاتين في أمريكا الشمالية، حيث اجتهدوا كثيراً تحت تهديدات القتل التي وجهها لهم الأمريكان الغاضبون فاستقال غارسيا ماركيز من عمله بعد عام واحد، وأصبح مشوشاً بالنسبة للتصدعات الفكرية التي كانت تحدث في الحزب الإشتراكي الكوبي. فانتقل بعائلته إلى مدينة مكسيكو، مسافراً عبر الجنوب في حج يشبه هجرة طيور الفالكون، وحُرِمَ من دخول الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى حتى عام 1971.
في مدينة مكسيكو عمل على ترجمة الأفلام، وعمل على كتابة السيناريوهات المسرحية، وأثناء ذلك بدأ بنشر بعض رواياته الخيالية. أنقذه أصدقاؤه مرة أخرى من الاندثار عندما ساعدوه بنشر روايته " لا أحد يكتب إلى الكولونيل" عام 1961، وبعد ذلك، رواية " جنازة الأم الكبيرة" عام 1962، في نفس ذلك العام ولد ابنه الثاني غونزالو. وأخيراً أقنعه أصدقاؤه بدخول مسابقة الأدب لأسو الكولومبي في بوغوتا. راجع رواية إيستي بويبلو دي ميردا، وغيّر العنوان من " مدينة القذارة" إلى مالا هورا أو " الساعة الشريرة" وقدمها ففازت. فقام رعاة الجائزة بإرسال الكتاب إلى مدريد من أجل نشره، وصدر عام 1962، وكانت خيبة أمله كبيرة، حيث كانت المادة المنشورة مهزلة، فقد قام الناشر الإسباني بالتخلص من جميع الألفاظ العاميّة المستخدمة في أمريكا اللاتينية، وكل المادة التي اعترض عليها، ونقحها إلى درجة يصعب فيها التعرف عليها، وجعل الشخصيات تتكلم اللغة الإسبانية الرسمية الموجودة في القواميس، فاكتئب غارسيا ماركيز إلى درجة كبيرة، واضطر إلى رفض العمل، وكان عليه أن يعمل حوالي نصف عقد حتى يعيد نشر الكتاب بشكل مـُرضي.
السنوات القليلة التي تلت كانت وقت لخيبة أمل كبيرة، لم ينتج خلالها شيئاً يستحق الذكر باستثناء سيناريو فيلم كتبه بمشاركة مع كارلوس فوينتيس، حاول أصدقاؤه عبثاً أن يشيعوا البهجة في قلبه وبكل الوسائل الممكنة، ومع ذلك طغى عليه الشعور بالفشل، لم يبيع من أعماله أكثر من 700 نسخة، ولم يحصل على أي حقوق للتأليف، وحتى هذه اللحظة رواية ماكوندو فلتت من قبضته أيضاً.

User offline. Last seen 14 سنة 28 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 02/09/2006

thanks dear .......he is my best writer
you r good :wink:

User offline. Last seen 12 سنة 7 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 25/01/2006

welcome arkaido and all my write is about things like as this and I hope kurds be liberal :wink:

User offline. Last seen 17 سنة 1 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 07/07/2006

موضوع حلو كتير يعطيك العافية سوار

User offline. Last seen 14 سنة 28 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 02/09/2006

ok dear to give more clearity Im not Liberal at all ..................Im some kind of socialist but still not sure of my political viewpoint.....
and about the development of kurdish nation and what you wish .. I think its too hard ........cant you see people in this site and are their Ideas ?????
:mrgreen: :mrgreen: :mrgreen: :?: :?:

User offline. Last seen 14 سنة 28 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 02/09/2006

ok dear to give more clearity Im not Liberal at all ..................Im some kind of socialist but still not sure of my political viewpoint.....
and about the development of kurdish nation and what you wish .. I think its too hard ........cant you see people in this site and what are their Ideas ?????
:mrgreen: :mrgreen: :mrgreen: :?: :?:

User offline. Last seen 12 سنة 7 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 25/01/2006

Quote:

think its too hard ........cant you see people in this site and are their Ideas

may be it's so hard but if we work hard and open our mind and release from traditions idea we can be better
:wink: