ثورة عامودا

3 ردود [اخر رد]
صورة  zebare's
User offline. Last seen 6 سنة 7 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 13/08/2006

ثورة عامودا
يرويها المجاهد
خلـيـل دقــوري

نعلم إن الاحتلال الفرنسي كان في سنة 1920 وذلك بعد استشهاد البطل يوسف العظمة في معركة ميسلون مع مجموعة من المجاهدين وترتب على ذلك احتلال فرنسا لسوريا ودخولهم العاصمة دمشق ومن ثم امتد الاحتلال الفرنسي إلى بقية أجزاء سوريا حتى الجزيرة السورية (العليا) التي لم تسلم من الاحتلال وفي مدينة عامودا من اكبر مدن الجزيرة في ذلك الوقت تنبه السكان إلى ما سيحيق بهم من ذلة إذا تم للمستعمر الفرنسي ذلك ففي سنة 1922 تقدم الفرنسيون في محاولة منهم لترسيخ وجودهم في المدينة لكنهم ردوا على أعقابهم وتقدموا مرة ثانية بحجة بناء مخفر للدرك السوري وافق سكان عامودا على ذلك شريطة أن يكون الدرك من السوريين حصراً وتم لسكان عامودا ذلك
وفي العام 1924 تم مقتل روكان الضابط الفرنسي في معركة بياندور من قبل ثلة الاشيتية وثلة من العرب من طيء كان مقتل روكان إيذانا بهروب القوات الفرنسية من القامشلي (في ذلك الوقت إلى الحسكة أو ربما إلى دير الزور .
ولما كان سكان عامودا المتمثلة بعشائر الدقورية وسواهم يشتهون الحرية شهوة ويكرهون الاحتلال بغضاً تشكلت نواة حركة وطنية بقيادة زعيم عشائر الدقورية المجاهد سعيد آغا الدقوري هذه الحركة ما لبثت أن اتصلت بزعماء الكتلة الوطنية في دمشق أمثال المجاهد شكري القوتللي , جميل مردم وسعدالله وفخري البارودي وجرى تنسيق بين الحركة الوطنية في مدينة عامودا وانظم (إليها عشائر الكيكية بقيادة المجاهد عيسى الرستام (عيسى القطنة ) وعشائر الملية بقيادة المجاهد عيسى العبد الكريم ) وعشيرة التمكة بقيادة المجاهد حسين الأسعد ) والكتلة الوطنية في دمشق وذلك من خلال الأسفار العديدة التي قام بها المجاهد سعيد الدقوري إلى دمشق , وكان السفر في ذلك الوقت صعب جداً لأن عيون الفرنسيين وأزلامهم كانت ترصد حركات المجاهد سعيد الدقوري أينما ذهب وحل .
عاد الاحتلال ليثبت أقدامه مرة أخرى في بلدان ومدن الجزيرة ففي نيسان 1926 وكان شهر رمضان والناس بطبيعة الحال كانوا صائمين , شكلت فرنسا جيشاً بقيادة بعض وجهاء العشائر المجاورة يتقدمهم ثلاثمائة من رجال الحرس الفرنسي (الهجانا ) وعلى مشارف مدينة عامودا وفي مسافة بين قرى تل حبش وجولي وذو الفقار دارت رحى معركة شديدة بدأت قبل السحور بقليل وانتهت صباحاً بهزيمة الهجانا الفرنسية مع المتعاونين معها وقد استشهد في هذه المعركة 12 ثائراً من عشيرته و6 من عائلة أحد العملاء و6 من أهالي عامودا بينهم عبدي حاج يونس وعلي حاج قاسم وشيخو بن سعدي وشيخو بن محمد الهتو وسليمان العيشو ومي بن حسو المحمد ولمزيد من المعلومات كان الثوار بقيادة سعيد الدقوري قد تنبهوا لهذا الهجوم ورصدوا حركته بعد أن أعلمتهم استطلاعاتهم ومكنو بشكل جيد لهذا الجيش وكانت نتيجة ففشلت فرنسا والعشائر المتعاونة معها بقي علينا أن نذكر أن الوحدة الوطنية كانت راسخة بشكل قوي جداً بكل مدن الجزيرة وخاصة في عامودا حيث أن العربي كان يستشهد
إلى جانب أخيه الكردي لذلك تأكد للسيد المجاهد سعيد القوري بأن فرنسا تنوي نية سيئة له ولأخوته وللثوار وذلك من خلال محاولة فرنسا إقناع بعض النفوس المريضة من أبناء العشائر وتم لها ذلك لذلك رأى المجاهد سعيد الدقوري إلى نقل حركة المقاومة من عامودا إلى تل عامودا ( شمالي عامودا بمسافة 3كم ) الذي وكان قد أصبح تحت الاحتلال التركي نتيجة الاتفاقية (سايكس بيكو ) ففي عام 1927 انتقل الزعيم المجاهد سعيد الدقوري وإخوانه وبعضاً من أفراد عشيرته إلى تركيا واستمر مكوثه في تركيا أربع سنوات وخلال فترة المكوث هذه جرت معارك واستنزاف ضد الفرنسيين المتعاونين معه مما حدا بالسلطات الفرنسية أن تطلب من تركيا إلى إبعاد الزعيم المجاهد وإخوانه مسافة 100 كم عن الحدود ووافقت تركيا على ذلك وأبعدت الثوار إلى قرى من أعمال ديار بكر إلى نهر دجلة .
ولأن تأثير المجاهد سعيد الدقوري كان كبيراً جداً على السكان في عامودا وقراها وعلى جميع العشائر في الجزيرة بعثت فرنسا مندوبين عنها إلى الزعيم سعيد لمحاولة إقناعه بالقدوم إلى سوريا وعودة كافة السلطات السابقة إلى الزعيم سعيد الدقوري وتم ذلك بعد أن أصدرت فرنسا عفواً عاما عنه وعن أفراد أسرته وعشيرته .
عند ذلك وفي العام 1931 عاد المجاهد سعيد الدقوري وإخوانه وبعضا من أفراد عشيرته إلى مقره في مدينة عامودا وفي هذه الأثناء كانت فرنسا تسعى جاهدة مع عملائها لإقامة شبه دويلة في منطقة الجزيرة فكانت تحرض عملائها ومسيحيي ( من تركيا بتهجير معظم المسيحيين في تركيا إلى الجزيرة في سوريا ) وتقنعهم بضرورة فصل الجزيرة عن سوريا وذلك حتى العام 1936 ولما كان المجاهد سعيد الدقوري على دراية تامة بما يخبأه المستعمر الفرنسي من نوايا لذلك رفض وبشكل قوي هذا العرض من المغريات الكثيرة التي كانت تقدم له . وسافر سعيد الدقوري في العام 1936 إلى دمشق وقدم عرض كامل عما تقوم به فرنسا وأعوانها في منطقة الجزيرة وباركت الكتلة الوطنية موقف زعيم الثورة بعد قدومه من دمشق إلى عاموده زاره في منزله ضابطان فرنسيان مع مترجم اسمه (جاك شملة ) عرضا عليه رغبة القيادة الفرنسية في انضمام سعيد الدقوري إلى موقف فرنسا وأعونها لكنه رفض عرض القيادة الفرنسية قائلا : إني رجل سوري ووطني سورية فكان رد الضابطين الفرنسيين إن سعيد رجل شقي وسوف ترى في الأيام القادمة ما سيحدث لك) وفي العام 1937 سافر الزعيم سعيد الدقوري لرفقة الحاج شيخموس يونس الحسو وسليمان حاج السعدون إلى دمشق لشراء سيارات جديدة من نوع ( فورد ) موديل 1937 وأثناء عودتهم ووصولهم إلى دير الزور أخذوا قسطاً من الراحة إلا أنهم أعلموا من قبل الأهالي في دير الزور بأن عامودا تغلي وهناك فتنة أشعلها المستعمر الفرنسي ثورة تلك الأثناء كانت فرنسا قد تمكنت من زرع الشقاق والفرقة بين أبناء البلد الواحد وذلك من خلال وتر حساس في مدينة عامودا ((كان في تلك الفترة ترجمان يدعى ((ملكوف )) اتفق هذا الأخير مع بعض من المسيحيين الذين باعوا أنفسهم للفرنسي بأنني أي ملكوف سأذهب إلى حارة الإسلام وعند وصولي هناك ستطلقون بعض العيارات النارية وفي هذه الحالة سيشاع بأن المسيحيين قتلوا الإسلام وهكذا سيبدأ الصراع وستتدخل فرنسا لنجدة المتواطئين معهم بحجة الدفاع عنهم ومن ثم يتم القبض على زعيم الثورة السيد سعيد آغا الدقوري ويقتل هو ومن معه ))
نرجع إلى دير الزور ولنتعرف كيف وصل سعيد ورفاقه إلى عامودا . لم يسيروا في الطريق الرئيسي بل ساروا في طريق صحراوي من دير الزور إلى الخابور وتم عبورهم من معبر أم الدبس بمساعدة بعض الأخوة من العشائر العربية حتى أن وصلوا إلى قرية الجوهرية غربي عامودا بـ 4كم ومن قرية الجوهرية تمكنوا من الوصول إلى عامودا وعندما تساءل عن سبب حدوث هذه الثورة علم من مقربين بأن فرنسا هي التي أشعلت نار الفتنة بعد أن أوعزت لعملائها بالبطش مما أدى إلى ضحايا كثر . عندئذ تذكر سعيد الدقوري للحاق بالضابطين الفرنسيين الذين توعداه بالانتقام وفي لثامن والعشرين من تموز عام 1937 بدأت المعركة في مدينة عامودا بين الحي المدعوم بالقوات الفرنسية والعملاء والحي الوطني وذلك بعمليات قنص أحياناً وقتال شوارع أحياناً أخرى إلى أن تمكن الثوار من الوطنيين من دحر الفرنسيين وعملائهم وفي اليوم الثاني من المعركة بدأت الطائرات الفرنسية هجومها على قرى الدقورية فقصفت قرية تل حبش وبلغ عدد القتلى 32 اثنان وثلاثون شخصاً استشهدوا في تلك الغارة وقصفت الطائرات أيضا قرية قره قوب واستشهد مختار القرية البطل محمود هدو وقصفت الطائرات قرية تل خنزير وديكية وقرى عديدة أخرى كثيرة وفي اليوم الثالث قصفت الطائرات مدينة عامودا وكانت الخسائر المادية والبشرية كبيرة جداً حيث استشهد من الثوار وعائلاتهم ما لا يقل عن مائة وخمسون فرداً أما الأضرار المادية فكانت كثيرة حيث دمرت أغلب مباني عامودا وأصبحت أنقاضاً (سميت طوشه عامودا) ورغم الدفاع المستميت لأهالي عامودا إلا أنهم لم يستطيعوا أن يصمدوا في وجه القنابل والطائرات والمدرعات لأن البنادق والشجاعة لم تجدي نفعاً أمام القوة الخارقة
التجأ أهالي عامودا ومن بينهم سعيد آغا الدقوري إلى تركيا إلا أن الأتراك وبحيلة قبيحة قالوا أنهم يسمحوا لهم باللجوء شريطة تسليم كافة الأسلحة التي لديهم وعندما تم تسليم الأسلحة للأتراك فكروا بما قالوا سابقا ولم يسمحوا لهم قط بدخول الأراضي التركية عندئذ فكر سعيد الدقوري وإخوانه بأنه لا مجال لهم في سورية وإن فرنسا لا تطلب سوى سعيد الدقوري لذلك قرر الانطلاق إلى العراق هو وجميع أهله وذلك في سيارتين
لم تنتبه سوريا أول الأمر عندما رفضت قبول سعيد آغا وأهله ورفاقه كلاجئين إلى تركيا وأعادت إلى الأذهان أن تركيا لم توافق على قبول سعيد الدقوري ورفاقه إلى تركيا وذلك بعد علمت تركيا بوجود الثائر محمد جميل باشا وبذلك تتخلص فرنسا من سعيد الدقوري وتتخلص تركيا من محمد جميل باشا إلا أن سعيد بمقدرته الفائقة في التنبؤ علم أن تركيا تريد استبداله بمحمد جميل باشا وقال لن ألجأ إلى تركيا بل إلى العراق وبذلك التجأ إلى العراق هو وأفراد أسرته وإخوانه وبعض من عشيرته (قلة ) وذلك في الخامس من آب 1937 ودامت فترة مكوثهم في العراق فترة خمس سنوات قاسوا فيها الفقر والهوان ليعود سعيد الدقوري في سنة 1942 إلى الوطن عزيزا مكرماً وذلك بعد توسط أفراد عشائر الدقورية في كل من الجزيرة ودمشق بزعامة آل شمدين آغا الدقوري وليتم انتخاب السيد سعيد آغا الدقوري ممثلاً عن الجزيرة في البرلمان في خريف دورة 1943 النيابية .
هذه المعلومات منقولة حرفياً عن المجاهد خليل دقوري شقيق المجاهد سعيد آغا الدقوري

User offline. Last seen 16 سنة 39 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 30/08/2006

نص شاق وجميل جدا :D :D :D :D: ولكنه طويل بعض الشيء كان يمكن أن تختصره 8O 8O 8O 8O

صورة  zebare's
User offline. Last seen 6 سنة 7 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 13/08/2006

طولت بعض الشيئ لأنني نقلت المعلومات حرفياً دون أن أنقص منها كلمة واحدة
شكراً برخدان على مرورك الكريم :wink:

User offline. Last seen 15 سنة 36 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 08/09/2006

شكرا على هذه القصة الواقعية

:wink: :wink: