إنتفاضة بوتان.....

2 ردود [اخر رد]
صورة  rojava's
User offline. Last seen 8 سنة 15 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 26/08/2006

مع بداية النصف الأول من القرن التاسع عشر و قيام حرب القرم ( 1853 _ 1856 ) بين الروس و الأتراك _ و قد اشتركت فيها بريطانيا إلى جانب تركيا _ تطورت العلاقات أكثر من ذي بدء بين الكورد و الروس ، و كان النضال المعادي للترك في الوقت نفسه يزداد في مناطق مختلفة من كوردستان _ كما مر بنا _ و قام قسم كبير من الحكام و الإقطاعيين الكورد بالاتصال مع ممثلي الحكومة القيصرية ، و اشترك قسم منه في المعارك إلى جانبهم . و مع الانتصار الساحق الذي سجلته القوات الروسية على القوات التركية في تموز و آب 1854 ، و احتلال ( بايزيد ) ترك قسم كبير من الكورد صفوف الجيش التركي . و في نهاية 1854 ترك قسم آخر من الكورد الجيش التركي و عادوا إلى بيوتهم بعد ان هزم الروس فرقة من الجيش التركي بالقرب من ( وان ) . في هذه الأثناء ظهر تيار من الزعماء الكورد و الأرمن و الآثوريين دعا إلى توثيق علاقاتهم مع الروس و معاداة الأتراك ، و كان من أبرز و جوه هذا التيار الزعيمان الكورديان ( قاسم خان ) و ( جعفر آغا ) .
كان يزدان شير آنذاك على اتصال مع المتذمرين من الكورد و الآثوريين و الأرمن و العرب و غيرهم من الأقليات في شرقي تركيا ( كوردستان ) ، و كان يتابع سير تطور العمليات الحربية على جبهة القفقاس منتظراً اليوم المناسب للقيام بالثورة ضد الإمبراطورية العثمانية و إعلان استقلاله . في هذه الأثناء قام الباب العالي بتنحيته عن إدارة حكم كوردستان ( بوتان ، هكاري و برواري ) و تعيين باشا تركي في مكانه و ذلك بسبب سعيه إلى توحيد القوى الكوردية و معاداته العلنية للأتراك . وبالتالي خوف الباب العالي من ظهور بدرخان آخر في كوردستان و كانت تنحيته السبب المباشر لاندلاع واحدة من أكبر الانتفاضات الكوردية بقيادة يزدان شير الآزيزي في منطقة بوتان و هكاري بعيداً عن ساحة العمليات الحربية في القفقاس ضد النير التركي و سميت ( بانتفاضة يزدان شير ) تيمناً باسم قائدها .

الانتفاضة

مع بدء الانتفاضة دعا يزدان شير أنصاره إلى العلنية في الثورة و رفع السلاح في وجه السلطات التركية و لاسيما بعد ان تأكد من الاستياء العام بين الشعب الكوردي و شعوب المنطقة من ممارسات الأتراك الوحشية . و قد لقي الشعار الذي رفعه و هو وجوب تصفية السيطرة التركية _ المساندة الواسعة لدى كورد بوتان و هكاري و برواري و موتكان و غيرها من الأقاليم الكوردية ، و وقف بجانبه الآثوريون و الأرمن و العرب، و قد دعم النضال المشترك المعادي للسلطات التركية انتفاضته بشكل كبير و حققت نتائجها خلال فترة زمنية قصيرة . مع بداية الثورة زحف يزدان شير على رأس ألفين من المسلحين الكورد إلى بدليس و احتلها بسهولة بفضل و دعم سكان المنطقة له ، و قضى فيها على الإدارة التركية ، و في طريقه إلى الجنوب حيث مدينة الموصل هزم قوة تركية مؤلفة من ثلاثة آلاف جندي ، و دخل مدينة الموصل التي وجد فيها معملاً للأسلحة و مخزناً كبيراً من القنابل و المدافع بالإضافة إلى خزينة المدينة ، و باستيلائه على الموصل استطاع يزدان شير تقوية قوته القتالية . كما و شملت الانتفاضة مناطق جديدة ، و انضم إليها سكان المناطق الجنوبية مثل وان و مكس بقيادة الزعيم ( تيلي بك ) و بعض أولاد الأمير بدرخان الذين كانوا قد أرسلوا إلى كوردستان من قبل الباب العالي مخولين بصلاحيات مطلقة وبكميات مالية كبيرة بهدف جمع القوت لصالح الباب العالي ، إلا إنهم استغلوا تلك الأموال والصلاحيات المطلقة في تشكيل جيش كوردي ثم انضموا إلى الانتفاضة . وهكذا وصل عدد المنتفضين إلى ( 30 ) ألف مقاتل ، و اتسعت حددها ، و اتخذت طابعاً شعبياً ، و لم تتمكن السلطات التركية من توحيد الزعماء الكورد المعادين ليزدان شير للقيام ضده رغم محاولاتها .
في كانون الأول 1855 وقعت حرب طاحنة حول مدينة سيرت بين قوات الأمير يزدان شير و القوات التركية المدعومة بقوات والي بغداد كنعان باشا و بقيادته غير ان القوات الكوردية حطمت القوات التركية في هذه المعركة ، و احتلت مدينة سيرت وباحتلالها لمدينة سيرت انضمت إلى الانتفاضة قبائل و طوائف جديدة . ففي الجنوب الشرقي من الأناضول انضم إلى الانتفاضة أكثر من (2000 ) عربي و عدد كبير من اليونانيين ، و في الشمال الشرقي أبدى الأرمن تعاطفهم مع الانتفاضة . و هكذا شملت الانتفاضة منطق واسعة من الموصل إلى وان ، و ازداد عدد المنتفضين في شباط 1855 إلى ( 60 ) ألف مقاتل ، و حسب بعض المصادر ( 100 ) ألف مقاتل .
حينها حاولت السلطات الروسية ان تبقي ( يزدان شير ) في موقف الحياد ، و دعته إلى الصداقة مع الإمبراطورية الروسية ، فقد ورد في رسالة من قائد فرقة ( يريفان ) إلى يزدان شير ما يلي :- [ سرح فرسانك ليعودوا إلى أعمالهم السلمية ] و في بطرسبورغ كان الروس يرغبون في حياد الكورد بل و في مساندتهم الفعالة للقوات الروسية و بالتالي يمكن القول ان القيادة الروسية لم تستطع استغلال الانتفاضة الكوردية لصالحها و لصالح الكورد بالشكل المناسب رغم قدرتها على ذلك. بالرغم من أن يزدان شير سعى إلى التنسيق مع القوات الروسية كما يظهر في رسائله الخمس إلى قائد القوات الروسية بعد احتلاله ( بايزيد ) حيث طلب منه تنظيم هجوم مشترك على ( تبليس و أرزروم ) . إلا ان تحرك القوات الروسية خارج حدود الإمبراطورية العثمانية و توزعها في أماكنها الشتوية سبب اختلال موازين القوى و أدى إلى عدم وصول رسائله تلك .
مع اتساع نطاق الانتفاضة في شباط و آذار 1855 ، و لاسيما باتجاه ( أرزروم ) و ( بايزيد ) صارت إمكانية الاتصال مع القوات الروسية أمراً سهلاً ، لذا اضطرت القيادة التركية إلى سحب قسم من قواتها من جبهة القرم و زجها في مواجهة الانتفاضة خاصة بعد انسحاب القوات الروسية إلى خارج حدود الإمبراطورية التركية ، و كما ركزت من هجماتها ضد المنتفضين ، و لعبت الدبلوماسية البريطانية في الموصل دورها في القضاء على الانتفاضة و حاربت المنتفضين بعد أن تسلمتا لتوجيهات اللازمة من الدوائر الحاكمة البريطانية و خصصت المال اللازم لهذا الغرض ، و بدأ ( نمرود رسام ) عميل القنصلية البريطانية في الموصل تحركاته لأجل إخماد نار الثورة ، و تمكن بالوعود و الرشاوى من إقناع عدد من الزعماء الكورد المنتفضين بالصلح مع الأتراك ، و قد أدى ذلك إلى وقف عمليات الثوار بشكل مؤقت .
حينها حاول يزدان شير الاتصال ثانية مع قائد القوات الروسية في يريفان بواسطة رسوله ( أصلو ) مقترحاً عليهم ان يتقدموا ثانية نحو موش ، إلا ان ( أصلو ) لم يتمكن من الاتصال مع قائد القوات الروسية إلا بعد فوات الأوان و بالتالي فقد يزدان شير الأمل من وصول المساعدات الروسية و بالتالي من الانتصار على القوات التركية الكثيفة و لاسيما بعد ان امتنع عدد من رؤساء القبائل الكورد من المشاركة في النضال . أما الإنكليز فقد قدموا المساعدات المباشرة للقوات التركية ، و قاد الضابط الإنكليزي ( ماكون ) المدفعية التركية ضد تحصينات المنتفضين ، و ازدادت كثافة القوات في كوردستان مستخدمة أسلحة جديدة تلقتها من الترسانة الإنكليزية و قامت بالخراب و الدمار في أرض كوردستان ، و احتلت المدن الصغيرة و الكبيرة و نقاط تقاطع الطرق الجبلية لمطاردة الثوار .
تحصن يزدان شير في معقله ( قصرا كلي ) في منطقة بوتان الجبلية جنوبي وان و اضطر إلى دخول المفاوضات مع السلطات التركية تحت تأثير العميل البريطاني ( نمرود رسام ) لحل القضايا المختلف عليها . و ما ان خرج من معقله ( قصرا كلي ) حتى ألقي القبض عليه غيلة ، و أرسل من هناك إلى استانبول لزجه في غياهب السجون و في استانبول عاملوه كما عاملوا قبله ( الأمير بدرخان ) إذ منحوه لقب ( باشا ) و أرسلوه إلى مدينة ( بانيا ) في اليونان ، و بقي فيها حتى وفاته في عام 1868 م .
ثم توسط ( نمرود رسام ) بين الباب العالي و بطريرك الآشوريين ( أبراهام ) الحليف القوي للأمير يزدان شير راغباً في إقامة علاقات طيبة بينهم . و بالتالي لمنع قيام اتحاد آخر بين الكورد و الآشوريين مستقبلاً خوفاً من تجدد حدوث انتفاضة مماثلة متعددة الأعراق و المذاهب.
و هكذا تدهورت أمور زعماء الانتفاضة شيئاً فشيئاً بعد أسر يزدان شير و لم يستفيدوا من نجاحاتهم التي أحرزوها ، و تشتتوا بين الجبال إلا ان ( عمر آغا ) أخ يزدان شير واصل الصراع ضد الأتراك من مناطق بوتان الحصينة ، و كان تحت إمرته بضع عشرات الألوف من الفرسان الكورد ، و لكنه لم يتمكن من الصمود أمام التفوق العددي المنظم للأتراك و الدعم الإنكليزي لهم بالخبرة العسكرية و بالتالي اضطر إلى الانسحاب ، و تشتت قواته في أرجاء كوردستان . هكذا أخمدت الانتفاضة نهائياً في تشرين الثاني 1855 م ، و عاد قسم من كوردستان ثانية تحت الإدارة التركية .
نظراً لخطورة هذه الانتفاضة على الدولة العثمانية فإن السلطات التركية أصدرت في أعقاب انتصارها على الثائرين ميدالية خاصة و أعادت قواتها في كوردستان ثانية إلى الجبهة الروسية ( القرم ). لقد لاحظنا ان الأتراك اعتمدوا في قضائهم على الأمير يزدان شير بالمكر و الخداع و زرع الشقاق ، كما فعلوا عند محاربة ثورة الأمير بدرخان الآزيزي و هي أساليب اعتاد عليها الشعب الكوردي و كل الشعوب التي ابتليت بمعاداة الأتراك . لم تخب جذوة النضال في نفوس الشعب الكوردي ، بل راح يداوي الجروح النفسية و يشحذ الهمم لتحقيق أمانيه .

من هو يزدان شير ؟

بداية لا بد من توضيح معنى الاسم ( يزدان شير ) . انه اسم كوردي تركيبي إضافي من كلمتين و يعني ( أسد الله ) . و قد يكون اسمه الحقيقي ( علي ) و لقب بيزدان شير تيمناً بلقب الأمام ( علي ) رضي الله عنه و هذه عادة دارجة بين الكورد ، و قد أطلق الاسم على اثنين آخرين من العائلة نفسها . و يخطأ كثير من المؤرخين حين يذكرون في كتاباتهم بصيغة ( عز الدين شير ) بدلاً من اسمه المعروف ( يزدان شير ) . و الأمير يزدان شير هو ابن الأمير سيف الدين الآزيزي الذي تولى حكم الأمارة في بوتان بعد عمه الأمير ( عبدال خان ) والد الأمير الشهير ( بدرخان ) . لقد خلد اسم يزدان شير في أناشيد شعبية كثيرة ما زالت تتردد حتى يومنا هذا . و لعل أغنية ( أز خلفم خلفم ) التي أنشدها ( خلف الشوفي ) تحسراً على انهيار حكم الأمير بدرخان و تولي يزدان شير سدة الحكم في بوتان خير شاهد على ما ذهبنا إليه ، و للمزيد من المعلومات حول صلة القربى بين الأمير بدرخان و الأمير يزدان شير لا بد من الرجوع إلى كتاب ( الأمير بدرخان ) لمؤلفه ( أحمد لطفي ) .

رغم تعاستنا مازلنا نملك إبتسامة تخفي آلامنا..جراح قلوبنا..تشّرد أرواحنا..
 http://www.facebook.com/hesen.rojava

User offline. Last seen 13 سنة 46 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 21/04/2006

لنعمل معا على تثقيف ابناء شعبنا وتزويدهم بتاريخنا العميق
شكرا rojava واتمنا لك دوام التوفيق والنجاح............................ز

صورة  rojava's
User offline. Last seen 8 سنة 15 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 26/08/2006

zooooorrrrr sppppaaaasssssssss alizagroz............. :wink:

رغم تعاستنا مازلنا نملك إبتسامة تخفي آلامنا..جراح قلوبنا..تشّرد أرواحنا..
 http://www.facebook.com/hesen.rojava