نقوش التاريخ بين الصوت والصورة‎ (الفلكلور)

3 ردود [اخر رد]
MAS
صورة  MAS's
User offline. Last seen 10 اسبوع 6 أيام ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 14/02/2005

بافي جودي

في البداية كانت الكلمة:
إن الاعتماد على الرواية الشفهية ‏كمصدر أساسي للتوثيق والكتابة‎ ( ‎لدى الشعوب التي غاب عنها التدوين . ‏وجزء من تاريخنا كمثال ) موضع جدل لدى أنصار‎ ‎التأسيس والتسلسل ‏ألتأريخي الزمني للأحداث والمجريات ، أصبح يُعتمد عليه شيئاً فشيء‎ ‎وبشكل خاص على الروايات الأكثر تردداً والبالغة درجة المصداقية وتسميتها ‏بالمصادر‎ (‎المساندة بدافع الدراسة ) و ممارسة النقد للرواية الشفوية في ‏حالات مميزة

ومعالجِة‎ ‎منهجية تقترب إلى درجة الوثوق من الناحية المعرفية ‏التاريخية للمنقولات الشفوية‎ ‎وتصنيف وإخراج المستحق منها وتوثيقها بأن ‏تكون مصدر تاريخي يصح عنه النقل والاعتماد‎ ‎للباحث‎ .
على الرغم من ‏وجود مؤرخين ينكروا الرواية الشفهية وتأصيل دورها‎ ‎مفهومهاً لما في بعضها ‏من نفي غير مقصود للحد الزمني للتاريخ بنقدهم لها لسبب‏‎ ‎تركيزها ( أي ‏المادة التراثية ) على القيمة الإبداعية للمحتوى الفني والسرد اللغوي‎. ‎واتهام المعتمدين من المؤرخين والباحثين عليها بتوظيفها لخدمة قضاياهم ‏القومية‎ ‎لإمكانية حدوث التصرف فيها وتبديلها ووضعها في غير مسارها ‏التاريخي. وهم ( أي‎ ‎الرافضون ) من أنصار الاعتماد على التأريخ التسلسلي ‏الزمني لغياب حد الزمن في البعض‎ ‎منها وغلبة طابع المبالغة والأسطورة في ‏معظم روايات المغنين والشعراء الشعبيين‎ .

إلا انه يعتبر الوجه المرح ‏والنقي لمجريات تاريخية تطورت ونمت بإبداع بعيداً‎ ‎عن الدواة والمحبرة‎ ‎‎.

رغم ذلك يعتبر الإرث الشعبي ( الوجه الآخر للتأريخ‎ )‎المعروف اصطلاحاً ‏بالتراث المنقول شفهيا( الفلكلور ) من مصادر التعرف على تاريخ‎ ‎ودلالات ‏الحضارة الدالة على رقي الشعوب وبيان دورها في البناء و أحد الجوانب ‏الهامة‎ ‎في حياة الأمم وتاريخها والنفس البشرية المجبولة على الجمال ‏والحب يثير القلوب‎ ‎بروعة أداءه متمثلاً بالفن الناتج من ممارساته الحياتية ‏بعيداً عن التصنع والتكلُّف‎ ‎،‎

حدث زمني مارسته الجماهير أو‎ ‎خاطرة مرت بذهن شاعر مبدع خلاّق تلقاها‎.

الشعراء الشعبيين ورواة ‏الحكايات والوقائع بأسلوب غنائي شعري ملحمي اتسم في‏‎ ‎اغلب الأحيان ‏بطابع البساطة إلى جانب الدقة والإسهاب والإطالة أو الاختصار وإسباغ‎ ‎لون ‏أسطوري على بعض أجزاءها بدافع إبراز وإظهار قوة الوصف والتعبير أو الولاء‎ ‎لشخصيات الحدث ترجمتها الأوتار والحناجر الى سيمفونية خلدتها للدهر‎ ‎‎.

امتاز‎ (‎الرواة الشعبيين) بدخول الحياة العامة من خلال تأليف أغاني ‏للعمال والفلاحين لبعث‎ ‎النشاط فيهم وخلق مادة رددوها أثناء ممارسة ‏عملهم أو جني الحصاد . كذلك في الأعراس‎ ‎والولادة والختان بأغاني تترجم ‏الفرح بها يغرس مفاهيم البناء الأخلاقي في المجتمع‎.

فالفرح والسرور ‏الحزن والشقاء حالات إنسانية عرفت عدة طرق للتعبير عنها، منها‎ ‎ما هو ‏أسطوري كحكايات ( عه لك وفاتـكـ ) والأقزام والجدات والجان ،‏‎

أو من ‏حدث‎ ‎زمني مقيد كتقاليد الأعياد و الأعراس والزواج الولادة والموت الحرب ‏والسلم وغيرها‎ ‎من تغيرات على حياته مستعرضا فيها جوانب الدقة في ‏السرد والجمال اللغوي التعبيري ،‏‎ ‎تركها ( مؤرخوها تسبح في بحر الزمن‎ ) ‎‎

تراثنا‎

وقد سجل تاريخ وذاكرة شعبنا الكثير منها،‎ ‎تمايزت ‏بين وضوح وغياب الزمن حتى أصبح بعضها من مميزاته وابرز محطاته في ‏التاريخ‎ ‎وحَدَّاً لما قبل وما بعد‎

( ‎كـ .. ( برفا كران – الثلج الكبير المؤرخ ‏بين عامي‎ ‎‏1912‏‎ – ‎‏1914‏‎ ) ( ‎وطوشا عامودي ) و ( سفر برلك ) والصراع ( ‏المحمودكي العصمانكي‎ ‎المستمر الى هذه اللحظة ) وغيرها من حوادث ‏اعتمد عليها الناس تأريخاً‎ .

و كل‎ ‎جيل له وقع لتاريخه ، إضافة ‏إلى التمايز الثَّري المعبر عن اختلاف تنوع طبيعة‎ ‎الإنسان وسكنه ، رغم ‏التماثل الحاصل فيما بينه، فالتنوع أصل في تاريخ الإنسان‎ ‎وبالتالي في ‏الحضارة التي بناها،‎

ففي ملحمة قلعة دمدم ( الجبلية ) ‏الشهيرة‎ ‎إبراز للشجاعة والقوة والدهاء السياسي لعدد قليل من المقاتلين ‏الكورد دفاعا عن‎ ‎القلعة وصورة من صور الفداء والدفاع حتى الاستماتة " ‏جبلتهم عليها طريقة معاشهم‎ ‎ومعاناتهم وطبيعتهم الجبلية الوعرة فاكتسب ‏منها إنسانها هذه الصفات ( الخشونة‎ ‎والقوة والدهاء‎ )

و مم ‏وزين ملحمة الملاحم الكوردية ( الحب العذري في ارق‎ ‎حالاته والبعد للفتنة ‏بأبعد خستها ) يُبرز الفن الشعبي ( في الرواية الشعبية لها‎) ‎العشق والوجد ‏في حب عذري عفوي أسطوري والإشارة إلى فتنة بكو الذي أصبح اسمه ‏متوارثا‎ ‎تتم الاستعارة به حتى صار مثلاً متداولاً‎ .

رسم التاريخ‎ ‎‎

وتماشياً مع الصوت برزت الصورة بفن‎ ‎الرسم و الزخرفة ‏فعلى جدران المنازل وداخل بيوت العبادة وشواهد القبور وأسلحة‎ ‎المقاتلين ‏من سيوف وخناجر إلى السيور الجلدية التي يخزن فيها الرجال قطع الذخيرة‏‎ ‎لسلاحه المحمول ساحة أخرى للإبداع والتأريخ المنعتق من الزمن أبدعتها يد ‏الفنان‎ .

و ظهر فن الرسم ( كتابة التاريخ بالألوان ) بشخصيات وأشكال ‏خاصة على القماش‎ ‎كالستائر والمناديل وحمالات الإبر المحشوة بالقطن أو ‏الصوف ( قه ولك ) هذا الفن‎ ‎الشعبي تمارسها النسوة عادة كضروريات ‏معاشيه يطرزن شخصيات حكاية التراث الخيالية‎ ‎باستخدام خامات محليه ‏كخيط الحرير والقماش القطني التي تستمد من الطبيعة مادةً ومن‎ ‎الأسطورة ‏والحوادث روحاً ؛ كرسوم العقرب بوجه الإنسان على الستائر المعروفة في‎ ‎تراثنا باسم ( شاميران‎ )

وأشجار الرمان بثمارها الكبيرة وزهور ( الجلنار ‏‏)التي‎ ‎تجاوزت بها إبرة مبدعتها أحجام ومقاييس الطبيعة فيها‎.

كذلك ‏ظهرت براعة النسوة في‎ ‎فنهم هذا بالنقش على اللباس التقليدي حيث ‏المساحة الواسعة للعمل والإتقان‎ ‎فيُزَخْرَفْ الثوب من أعلاه إلى أسفله ‏تترسم خلاله لوحة فائقة الجمال بألوان زاهية‎ ‎براقة من غطاء الرأس ( د ‏سمال) والصدر ( باخِ ل) والخصر (شوحي وإسدال الـ بي شمال‎ ‎عليه ) ‏والأكمام ( الهوجك) ودائرة الذيل بالتطريز وهو المسمى ( خفتان) أو تزخرف ‏هذه‎ ‎الأجزاء بقماش من لون آخر (أسفل الخفتان )تزيدها جمالاً واتصالاً ‏بالطبيعة الساحرة‎ ‎هذه الفنون تكشف عن قدرات ومهارات النسوة اللائي ‏عتقن القطعة ( الرسم التاريخ‎ ‎الشعبي ) من حبس الزمن ورهنه لروح ‏الأسطورة وهنا يصعب تحديد تاريخ البداية لفكرة‎ ‎ظهور القطعة التراثية‎ ‎‎"

والفنان ( الرسام ) الشعبي يحافظ ( نقش التاريخ ) بذلك‎ ‎الموروث ‏العام لأناملٍ خلدتها الجدران و قطع القماش والمناديل واللباس . لتوصلها‎ ‎إلى ‏الأجيال القادمة نسمات تاريخية صافية غنية‎ "

هذه الفنون المتوارثة إلينا ‏من‎ ‎مئات السنين تعكس جمالاً من التراث والأساطير والذكريات متصلة من ‏جيل إلى آخر أصبحت‎ ‎مادة للمثقفين والمؤلفين المعاصرين اعتمدوا عليها ‏أحياناً بالإشارة إلى تاريخ غاب‎ ‎عنه التدوين والكتابة وبذلك يكون الفن ‏الشعبي جزأً أساسياً للهوية التاريخية للأمة‎ ‎،‎

من خلال فننا الشعبي ‏العريق والغني نستطيع أن نتتبع الكثير من جذورنا‎ ‎التاريخية والفنية ‏واستنشاق عبق تراثنا الأصيل التي فقدنا الكثير من روحه‎ ‎‎.

اعتذار

وما غاب عني أكثر مما دونته وعذري قلة ما بين يديَّ‎ ‎من ‏بحوث وعدم توفر مراجع ، لذلك أرجو أن تكون هذه نقطة بداية للفت نظر ‏الباحث‎ ‎والمختص لإنقاذ زاوية هي في طريق الزوال من الحياة و الذاكرة‎ . ‎‎

-----------------------------------------
B-Freee...
Change The Way Not The Goal

User offline. Last seen 14 سنة 5 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/11/2006

سباس MAS
.....................
I m free

User offline. Last seen 13 سنة 49 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 21/04/2006

يا سيدس فعلا حلو

شكرا كتير

User offline. Last seen 13 سنة 35 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 02/04/2007

سباس

ماس

موضوع جميل جدا .........

دستي ساغبي