عشت في الفترة الماضية بين صفحات كتب التاريخ... ومررت بأحداث كثيرة صنعت واقعنا الحالي.... حتى صرت أستيقظ من نومي على كوابيس الثورات والاعتقالات وحبائل المؤامرات والمعاهدات ومآسي الحروب والانتفاضات...

في الحقيقة دراسة التاريخ ومراجعة أحداثه مفتاح أساسي لفهم الواقع بكل تعقيداته... فما نعيشه الآن ما هو إلا إفراز لتلك الأحداث المبهمة عند غالبية الناس .... واقعنا الاقتصادي والتعليمي و الاجتماعي كل ذلك لم استطع أن استوعب كثيرا من مفرداته إلا بعد أن قرأت الأحداث التي شكلته...

ربما استطعنا أن نتفهم كيف يفكر شعب من الشعوب إذا قرأنا تاريخ الظلم أو المظلومية التي عاشها... الضغوط التي مارسها أو التي مورست عليه...

ومهما توسعنا في دراسة قضية من القضايا فلن تفهم بشكل صحيح ما لم توضع في سياقها التاريخي.... لا يحق لنا أن نحلل الأحداث ونستنتج الخبايا إن لم نكن على دراية بالخلفية التاريخية للموضوع...

تتناثر في رأسي أفكار مشوشة عن مؤامرات لم تتح لي معرفة تفاصيلها وعن شخصيات صنعت أحداثا مفصلية .... الكثير الكثير من اشارات الاستفهام والسيناريوهات غير المكتملة جديرة بايجاد الأجوبة والحلول...

ومهما بحثنا وتقصينا فستبقى بقية من الأحداث في دائرة المجهول ... ولكننا نكون قد قللنا من هذه الدوائر في أدمغتنا... والفرق كبير بين من يتعايش مع السواد المتعشعش في رأسه وبين من يحاول محو النقاط السوداء المتناثرة هنا وهناك....

ويبقى أن نقول أنه من النادر جدا أن يكتب مؤرخ دون أن ينحاز لوجهة نظره أو على الأقل أن يتغاضى عن بعض الأحداث التي لا تتلاءم معها....وذلك مدعاة لبذل مزيد من الجهد في قراءة لأكثر من جانب للرواية ...

قد تبدو قراءة التاريخ أحيانا ترفا فكريا وحفرا في أنفاق لا نهاية لها وهي كذلك في جوانب كثيرة منها ولكنها ليست كذلك على الأقل فيما يتعلق بالتاريخ القريب الذي يخصنا ... وهي ليست كذلك إذا أردنا الاعتبار من تجارب الآخرين...