من قامشلو إلى حصن كيفا

رد واحد [اخر رد]
User offline. Last seen 4 سنة 49 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 22/11/2005

سيامند إبراهيم

من يغوي هذه المدينة بلثم عنقها الممدود حتى حدود تخوم حلمها, من يستطيع أن يخفف من عشق وهيام قلب دجلة بها, إنها قبلة حارة تأخذ مساراتها في قلب (حصن كيفا) وهي تسير بخفة لا تأبه لشيء يعتري طريقها المتآكل حتى درجة خفقان القلب, وهي تنشط في مهارة وبراعة تأتلف الأنفس لمكنونات دروبها لا أحد يستطيع أن يزيل عن كاهلها هذا السواد الماثل أمام أعين كل من يلج مملكة (حصن كيف), غاب كل شيء عن وسم هذه المدينة, لا أحد يستطيع أن يخفي قلب هذه المدينة الرخوة والتي هاجت كثور جامح, أضاعت صوابه ضربات المغولية الصفراء.

يسألني كل من أصادفه ما الذي أتى بك إلى رحاب هذه المملكة المترامية في أطراف النسيان, أجل ثمة من يقول إنها ليست في نسيان الذاكرة, وثمة من يقول إنها الحاضرة الغائبة في ثقوب هذه الكهوف العتيقة التي يمتد عمرها آلاف السنين, مدينة تلتف على سلاسل جبلية متماوجة من الغرب إلى الشرق, مدينة كانت حاضرة المسيحية والتي ورد ذكرها في أعظم المراجع المسيحية, وثمة جوامع منتشرة في غرب وشرق المدينة, من جوف رحمها الذي أبتلع تاريخ أقوام تركوا بصماتهم على جدران كهوفها , لا أزال أشمّ رائحة الدم الأدمي الأول الذي رسم صور صيده اليومي ليقتات من هذا الشواء اللذيذ, من هذا اللحم القديد, من هذه المغاور والكهوف كانت الخطوات الأولى لإرتقاء الإبداع البشري في تطويع الأواني وأجمل الزخارف وبناء الحضارة الأولى, في رحم هذه الكهوف تحسس خطوات الإبداع بحساسية زائدة, لكن هذه الخطوات الرائعة لم تكن لتتوالف لولا هذا النهر الأسطوري الذي بعث نسغ الحياة في سهول وفيافي ميزوبوتاميا, أجل زرع الانسان البدائي هنا القمح, والشعير, والشوفان, ودجن الماعز والخنزير, ولا يخفى على أحد أن استخدام الأدوات البرونزية ظهرت هنا في الألف السابع قبل الميلاد,

إن هذا التناغم السحري المتجذر في فؤاد هذا الميزوبوتامي الذي كان ينزل من أعالي هذه الجبال ومن قلب هذه الكهوف التي نحت في قلبها وجعلها المكان والملاذ الآمن لشتى الأهداف ومنها كان ينزل إلى الأسفل فيرتاح قليلاً قبل أن يقبل وجه دجلة الجميل ويخطف منها سمكة دسمة ليضعها في جرابه الكردي على فرش تلك الصخور المنحنية قليلاً, وفي آخر النهار يرجع إلى مسكنه وتبدأ دورة الحياة ويأخذ الإنسان هنا في بناء قصور بسيطة فقصر العروس الجميل في غرب المدينة بالقرب من النهر يأخذ شكلاً هندسياً رائعاَ ويروي المؤرخون أن القائد صلاح الدين نام في هذه المدينة عدة ليالي, وجاءته الأخبار بوفاة زوجته التركمانية (عصمت الدين خاتون أنر) وهي كانت أرملة السلطان (نورالدين زنكي) فبكى بمرارة كثيرة عليها, ورجع صلاح الدين إلى دمشق, أما حصن كيفا فتألقت وبقي إشعاعها ونور وجهها يقبل وجه القمر الذي لا يغادر جنبات روحها الكردية, لتكون شاهدة على عظمة الإنسان الميزوبوتامي. وحصن كيفا تروي للبشرية قصص الحضارات البدائية وقصص البطولة لهذه المدينة العريقة

User offline. Last seen 14 سنة 6 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/11/2006

الله يا Hevind ............
كأني اقرأ قصيدة عشقية ليس قبلها ولا بعدها ............