مدينة زاخو وجسرها الحجري

رد واحد [اخر رد]
User offline. Last seen 4 سنة 48 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 22/11/2005

عصام كرمافي

من أرشيف صحيفة الاتحاد
معظم حقب تاريخ الشعب الكردي القديم لم تدون من قبل الكرد انفسهم، فالمراجع التي يلجأ اليها بعض الكتاب والمؤرخين، خاصة تلك المراجع التي تشير الى العصور التي تمتد للفترة بين ما قبل الميلاد وما بعد الاسلام، جميعها مصادر ومراجع مؤلفة من قبل اليونانيين والرومانيين والعرب، وجرى فيها تحريف كبير للحقائق التاريخية, خاصة من قبل بعض المؤرخين العرب امثال "ابن المسعودي" الذي سمى الاكراد "بابناء الجان" وغيره، واستغلت تلك المراجع من جانب بعض الكتاب العرب في محاولتهم تغيير وتحريف الحقائق التأريخية وتغيير اسماء المدن والمعالم الاثرية والشخصيات الكردية الى تسميات غير كردية وفقا لاهدافهم وتوجهاتهم, فجاء السيد (خيري شنكالي) ليكمل ما لم يكلمه هؤلاء ويؤكد ما يقولونه من خلال نشره موضوعا حول تاريخ مدينة "زاخو" في صحيفة الاتحاد العدد 296 تحت عنوان "زاخو حورية ترقد على جزيرة يهدهدها نهر الخابور"، وغاص بنفس قصير في تاريخ مدينة زاخو وتحدث عن جسر الحجري "برى دةلال" الذي اسماه جزافا وخطأ بالجسر العباسي ونسب انشاءه الى العباسيين, الامر الذي اوجب تصحيح هذا الخطا التأريخي بكاتبه هذا الموضوع مرة اخرى حول مدينة زاخو وجسرها العتيق باكثر شمولية وتصحيح ما ورد من اخطاء في استطلاع ذلك الصحفي.

الموقع الجغرافي لمدينة زاخو

تقع مدينة زاخو في اقصى الشمال الغربي من العراق ، ويمر من قربها خط الطول (42.5) شرقا وخط العرض (37.5) شمالا وترتفع عن مستوى سطح البحر (450)م، وتبعد بـ(7) كم من الحدود التركية العراقية، تشغل المدينة الطرف الجنوبي من سهل (السندي) ويمر من خلالها نهر الخابور الذي يتفرع الى فرعين حيث يلتقيان في شمال المدينة، وتنحصر مدينة زاخو بين سلسلتين جبلتين طويلتين، في شمالها سلسلة جبل (الجودي) حيث يفصلهما نهر (الهيزل) وفي جنوب سلسلة (جبل الابيض – جبل بيخير) فالمدينة القديمة كانت مشيدة على الجزيرة التي تقع بين فرعي نهر الخابور, من ثم امتد عمرانها على جانبيها.

مركز قضاء زاخو في محافظة دهوك ويبعد عنها بحوالي (65)كم وتتبعها النواحي التالية (السليفاني, السندي, الكلي) ومن اهم احيائها (كندك، النصاري، كيسته، اليهود، القصابين، ركاوة، الحسينية).

نبذة عن تاريخ زاخو

تعتبر مدينة زاخو من المدن العريقة حيث يرجع تاريخها الى ما قبل التاريخ، وقد جاء ذكرها في الكثير من المراجع الرومانية والاغريقية، ولكن لم يحدد تاريخ نشوئها بالضبط، حيث هناك آراء واعتقادات حول تاريخ وتنسيب إنشائها، فالقائد اليوناني (زينفون) عند تراجعه مع الجنود الاغريق من العراق قد مر بهذا الموضع وذكر قوم (الكوردوشي - الكوردوخي) اي الكرد في الجبال الكثيرة القريبة من منطقة زاخو، حيث اصطدم بهم في معركة عنيفة في مضيق (جبل الابيض) وهزم هو وجيشه وتراجعوا نحو الشمال، اي نحو المنطقة التي انشئت فيها مدينة زاخو. ومن المحتمل ان اسم زاخو يعود الى اسم قوم ذكرهم الجغرافي الاغريقي (استرابون) باسم (سكوديوس)، ومما يدل على قدم وعراقة هذه المدينة وجود موضع قديم في المدينة يسمى حاليا بـ(كيسته) حيث وجدت فيه آثار من العصر الاشوري والبابلي الحديث.

وهناك آراء اخرى حول اسم وتاريخ مدينة زاخو، فقد وردت معنى كلمة (زاخو) في مجلى متحف العراق (سومر)، على ان اصل التسمية يعود الى حفيد (نوح) الذي يسمى بـ(ازاخيو) الذي ملك هو وذريته عليها منذ سنة (800) قبل الميلاد.

ويذكر (كونراد برويسر) الذي زار المدينة في 14 نيسان 1909، بان زاخو جزيرة واقعة على ارض صخرية، وهي (ازوخي) القديمة المتصلة بالبر عبر جسر على جهة اليسار وقلعة على جهة اليمين.

هناك راي اخر يفيد بان (زاخاريوس) القاد الاغريقي واحد حملة (زينفون) قد حط الرحال اثناء التراجع في موضع بلدة زاخو الحالي، وبقي هناك بعض الوقت، حيث وضع نواة المدينة التي سميت باسمه، ثم تطورت بمرور الزمن الى الاسم الحالي.

ويقول (الاب انستاس ماري الكرملي) ان معنى كلمة زاخو في العبرية (الغلبة) اي ان زاخو من زاخوتا بمعنى النصر وكثيرا ما ورد هذا الراي في مصادر عديدة ومختلفة.

كما هناك من يعتقد ان زاخو وبلدة الحسينية من اصل واحد، الا ان هذا الراي بعيد عن الصحة، ذلك ان بلدة الحسينة القريبة من زاخو تقع على الجهة الشمالية من زاخو, حيث قام ببنائها المدعو (ميرآفدل) امير قلعة (شرانش) على انقاض مدينة قديمة وسميت باسم اخيه (حسن). كانت زاخو امارة مستقلة حتى سنة (1471)م، حيث استغل امير بهدينان النزاعات الداخلية بين حكام وورثة زاخو وتمكن من ضمها الى امارة بهدينان، وان اول امير (بهديني) نصب على المدينة وكان يدعي (مير قباد). ان الذين حكموا مدينة زاخو في هذه الفترة ولغاية خضوعها للسيطرة العثمانية لم يكونوا من سلالة العباسيين كما يدعي السيد "شنكالي" في موضوعه الآنف الذكر، حيث سطر فيه عمودا باسماء حكام وامراء زاخو للفترة ما بين سنة (1472)م وسنة (1842)م، ونسبهم جميعهم الى سلالة العباسيين وهذا غير صحيح, بل ان معظم هؤلاء الحكام والامراء كانوا من الكرد البهدينيين ويمثلون السلطة العباسية في تلك الفترة, ولم يكونوا ينتمون الى سلالة العباسية قط. وبعد سقوط الامارة البهيدينية في سنة (1842)م وخضوع مدينة زاخو للسيطرة العثمانية باثنتين وعشرين سنة، أي في سنة (1864)م اصبحت مدينة زاخو وحدة ادارية بدرجة (قضاء) تابعة لـ(سنجق) الموصل، وتشير السالنامة العثمانية الصادرة سنة (1907- 1908) الى ان زاخو كانت قضاءا من الصنف الثاني تتبعها النواحي (سليفاني، سندي، الكلي) وان عدد سكانها الذكور (4657) نسمة وفي المدينة (1900) دار للسكن و(150) دوكانا ومحلا تجاريا و(4) خانات وحمام وفندق وستة عشر جامعا ومسجدا ومدرستان ومكتبة، واشارت السالنامة الصادرة في سنة (1892- 1893)م الى وجود منابع للنفط في اطراف المدينة.

بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى في سنة 1918 م خضعت زاخو لقوات الاحتلال البريطاني، وحينها قاومت عشائر زاخو الاحتلال البريطاني, وكانت عشيرة (الكويان) في مقدمتها, واشتبكت العشائر في منطقة زاخو مع تلك القوات في العديد من المعارك, اشهرها معركة (وادي ملا عرب) و(قلعة الشعبانية) ومعركة (مضيق بانك)، وبرز من قادة المقاومة (الحاج صادق برو الكلي)و (سليمان قطي الكلي).

الجسر الحجري الكبير

يوجد حوالي (60) موقعا اثريا في منطقة زاخو ومن اهمها (الجسر الحجري) الذي يقع شمال المدينة، حيث يمر نهر الخابور من تحته قبل دخوله المدينة.

اقيمت دعائم هذا الجسر على ارض صخرية صلبة مستقرة فوق قواعد من الاحجار المربعة المرصرفة بعناية تامة وهندسة دقيقة مكونة خمس قناطر اكبرها في الوسط والاخريات على جانبيها. يرتفع هذا الجسر الهرمي الشكل عن سطح ماء نهر الخابور نحو (15.5) متر، والطول الاجمالي للجسر يبلغ (114) مترا وعرض سطحه يبلغ نحو(4.70) متر، والجسر مبلط بقطع احجار مرصوفة بشكل منحدر.

فيسمى هذا الجسر خطا بـ(الجسر العباسي)، فأهالي زاخو يسمونه بعدة اسماء مثلا: (برا دةلال- الجسر الجميل)و(برا بةري – الجسر الحجري)و(برا مةزن – الجسر الكبير) وتتفق هذه الاسماء مع سمات هذا الجسر, اما عن تاريخ انشائه فقد اختلف المؤرخون والكتاب في تحديد فترة انشائه, وراح البعض ونسبوا بناءه خطا الى الخلفاء العباسيين, فالسيد (خيري) في موضوعه الآنف الذكر يدعي بأن (الامير حسن) في سنة (935)هـ أوعز الى نائبه في زاخو الامير ناصرالدين العباسي لن ينشئ على الخابور جسرا لتسهيل عملية تموين الجيش وتأمين المواصلات وبوشر بانشاء الجسر المسمى بالعباسي، واستغرق بناؤه (سنة ونيفا) وهذا لا يتفق مع آراء المؤرخين للاسباب التالية :-

1- هنالك مصادر تاريخية تؤكد بان زاخو وجسرها الحجري الكبير اقدم من (بغداد) عاصمة العباسيين نفسها.

2- ان الطراز الذي بني عليه هذا الجسر لا يشبه، بل بعيد كل البعد عن طراز واسلوب العباسيين في بناء الجسور.

3- لم يحدد اي مصدر تاريخي لحد الأن المدة التي استغرقها بناء هذا الجسر، اما المدة التي حددها السيد (شنكالي) معتمدا على كتاب الاستاذ (خضر العباسي) وهي (سنة ونيف) لا تتفق مع الحجم الجسر وبعد مصدر الاحجار التي استخدمت في بناء هذا الجسر, حيث نقلت الاحجار من (جبل كيره) الذي يبعد حوالي (15)كم من وقع الجسر، هذا بغض النظر عن وسائل النقل والبناء المستخدمة في تلك الحقبة.

فقد اختلف المؤرخون بخصوص زمن انشاء هذا الجسر والمصدر الذي امر بانشائه، فالمؤرخ (هارتمان يعتقد بان الرومان هم الذين قاموا بتشييد هذا الجسر، اما المؤرخ (اسكيف) فيذكر ان القائد (سولكس) وهو من رجال الاسكندر هو الذي اقام هذا الجسر.

وهناك من يرى ان هذا الجسر بني في عهد الملك (بهرام بن اردشير بن بابك الخرمي الكردي). وسمى باسم ابنته (دةلال). اما المؤرخ الكوردي الراحل (محمد امين زكي) فيذهب الى اليونانيين هم الذين شيدوا هذا الجسر في حملتهم بقيادة (زينفون)، والتي مرت بكردستان وبمضيق زاخو وذلك في عام (401) ق.م.

اما الكاتب (محفوظ العباسي) فيبين ان الجسر الاصغر من الجسر الحجري الكبير، (وهو الجسر الذي يسمى حاليا بجسر كندك – او بجسر شهاب –نسبة الى طاحونة شهاب القريبة منه)، ويتضح ذلك من خلال شكل واسلوب بنائه.

فمن المرجح ان الجسر الذي يقصده السيد (خيري شنكالي) هو ذلك الجسر الذي يشير اليه الكاتب (محفوظ العباسي، اي جسر كندك) وهو الجسر الذي بني في عهد العباسيين وليس (جسر دةلال).

المصادر:

- انور المائي، الاكراد في بهدينان.

- محفوظ العباسي، إمارة بهدينان العباسية.

- المحامي جمال بابان، اصول اسماء المدن والمواقع العراقية

- الدكتور جليلي جليل، اكراد الامبراطورية العثمانية، ترجمة الدكتور كاوس قفطان - تاريخ بلدة زاخو والجسر العباسي، خضر عباس

User offline. Last seen 13 سنة 38 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 07/05/2007

فعلا بتستحق الادار ة لانو كل شىء منك حلو يا حلو :P :P :P

وكل معلومة منك احى من التانية :arrow: :arrow: