أسامة الروماني : الطرافة والسخرية

رد واحد [اخر رد]
MAS
صورة  MAS's
User offline. Last seen 8 اسبوع 4 أيام ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 14/02/2005

أسامة الروماني : الطرافة والسخرية
بلدنا

مر شخصان بالأديب العربي الجاحظ وأرادا أن يسخرا منه إذ وقف أحدهما على يمينه والآخر على يساره وسألاه: أمغفّل أنت أم أحمق ؟ فقال: أنا بين الاثنين .
تطور مفهوم الفكاهة والطرافة عبر العصور بتطور تقنيات الكتابة والنشر والمجتمعات لكن ما هو أكيد أن الفكاهة والطرافة أكثر تقبلاً من السخرية. الطرافة وخاصة في مجال الكتابة النقدية، ثقافية أم سياسية أم اجتماعية، تبقى أكثر تقبلاً وتأثيراً من السخرية التي تجرح الشعور وتؤذي الشخص الموجهة إليه في الصميم .

تزدحم الصحف والمجلات والمطبوعات الدورية بآلاف المقالات والزوايا والآراء ورسوم الكاريكاتير التي تتناول أشخاصاً أو إدارات أو حكومات بالنقد والتحليل، والملاحظ أن أكثرها تأثيراً تلك التي تتصف بروح الدعابة والذكاء، وليس بروح العداء والسخرية، وإذا كنا نطالب من ننتقدهم أن يتقبلوا النقد والتصويب فعلى من يوجه هذا النقد والتصويب أن يحذر في صياغة فكرته ورأيه، كي لا يظهر بمظهر عدائي، بل بغرض أن يكون نافعاً وموجهاً وناصحاً .
تسبب الفكاهة استرخاءً والسخرية توتراً .. تولد الطرافة ألفة والسخرية جفاء .. تضفي الطرافة سحراً ورحابة صدر ، وتحفّز السخرية على الازدراء والتحدي .. تسبب الطرافة والفكاهة التسامح واللطف، فيما تعبر السخرية عن الحقد والوقاحة.. روح الفكاهة والطرافة جزء مهم من شخصية أي فنان أو سياسي أو أديب يهتم بإنجازات ذات قيمة لمجتمعه ووطنه، وعلينا أن نكون حريصين على تشجيع أمثال هؤلاء على تقبل النقد من خلال الدعابة وليس السخرية، كي يستمروا في أداء مهنهم بثقة وإخلاص، حتى إن بعضهم لا يتمتع بروح الفكاهة فحسب، بل يمارسها ويجاريها حتى ولو كان هو نفسه موضوعها، وهناك أمثلة عديدة لشخصيات متميزة ورائدة في مجالها المهني سبقت نقادها وخصومها في توجيه النقد لنفسها بنفسها، فارتفعت مكانتها في نظر مؤيديها وخصومها على السواء .
حتى في مجال العلاقات الأسرية، فإن روح الدعابة والطرافة التي تسود بين الآباء والأبناء، تعزز المحبة وتخلق الألفة وترتقي بالخصومات الصغيرة، والأهم تدرب أفراد الأسرة على تقبل النقد والتحلي بالتسامح وسعة الصدر. إن تقبل أفعال الأبناء وتفهمها من خلال الدعابة أكثر تأثيراً فيهم من تقبلها بالهزء والسخرية، وإذا كنا نتوقع من أبنائنا الأفضل فعلينا أن نساعدهم على التقدم والاستمرار في محاولة تحسين ذواتهم، لا الهزء منهم والاستخفاف بمشاعرهم ونعتهم بأوصاف تستدرج عدائية، علينا أن نحرص على إخمادها بكل الوسائل .
لا يقتصر النقد الموجه للأبناء على قول الكلمة المناسبة في الوقت المناسب، بل يتعداه إلى عدم تعنيفهم والانتقاص من قدرهم بكلمة جارحة أو تصرف مهين حين تغري اللحظة بذلك. الكلمة الرقيقة المصحوبة بدعابة لطيفة تهدئ الأبناء. أما السخرية، فتحرقهم والتأثير الذي تحدثه السخرية في نفوس الأبناء يبقى لفترة طويلة يحز في نفوسهم ويكدرهم حتى آخر أيام حياتهم . إن أهم فوائد ومنافع الحوار المشبع بالرقة والطرافة الذي نجريه مع أبنائنا هو في تشجيعهم على أن يعيشوا دون أن يبغضوا أحداً، وأن يحبوا دون أن يغاروا من أحد، وأن يرتفعوا دون أن يترفعوا على أحد، وأن يتقدموا دون أن يدوسوا على من هم دونهم، أو يحسدوا من هم فوقهم .
وعلى الاختلاف في الرأي ، نلتقي ونرتقي

-----------------------------------------
B-Freee...
Change The Way Not The Goal

User offline. Last seen 11 سنة 50 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 16/08/2006

سباس عل موضوع الجميل معلم ماس :wink: