تتكسّر الأمواج النفسية فوق صخور الجسد المرنة .. فيستحيل شاطئ الروح إلى دبق ٍ ينساب إلى فتحات الفناء ..
عندها يكون ملائما ً الرقص على أحجار العمر المتناثرة فوق أرض الأيام ، ما دام كل شيءٍ أصبح عادي كمرورغيمة ٍ أمام قرص الشمس .

أي ُّ نفس ٍ من أنفاس الربيع لا يكون غناء ً ؟
و الخضرة الفاردة أثوابها فوق أرض الشتاء ، هي من أوهام الطبيعة ؟!
....
النفس التي لا تجد جسدا ً يؤويها تستيقظ كل صباح على صياح البكاء . كيف للنفس أن ترتاح و هي في كل لحظة تصارع الزمن ، تقاتل الكون ،تترفّـل على صفحات الضياع من أجل كسرة ِ لحم ٍ ، من أجل ربطة ِ عنق ٍ يضعها
في صنف الإنسان ؟
كثيرا ً ما يجعلُ النفس َ مريضة ، جنون جسد ٍ و هيجانه .
كل ّ نفس من عمرها غاضبة ، كل ّ نفس من جسدها ذائبة ، كل ّ نفس من نفسها حاقدة ... ظالمة ٌ، قاسية ٌ هي الأبدية ، وحده الأبد ذكر ٌ بلا منازع !
تتخنث الأبجديات ، تتخنث الأرواح و تترجل ، خنثى هي الأعمار ، خنثى هي الأيام .

إلام يؤول الجسد بعد مفارقته الروح و النفس معا ً ..؟
يتعرى أمام الإنسانية، أمام الحمائم و البلابل ، يتعرى أمام أمه و أبيه ، أمام كل ّ جسد ٍ لا زال في قيود الأغطية ..
كل ّ جسد عري ّ إذا هجرته الروح ، كل ّ جسد عار ٍ إذا ضربته أيادي النفس .. كل جسد يتعرى ما دام الحب ّمفقود .
أيها الجسد الممزوج بالألم ، أنـّـا لك من نفس ٍ تؤويها إلى أحضان الإله ، أنـّـا لك أن ترسل هواء ً من مسامات جلدك إلى الروح من نوافذها ..
أيهذا الجسد المرابض خلف أسوار الهذيان ، تعرى ، تمرد ، تصلّب ما دامت قلوب النفوس خاوية متحجرة ...
أيهذا الجسد .. ما لك من حلم ٍ سوى القيعان المظلمة تنجيك من ظلمة اليقظة ... فاغطس و مت ْ و أحيا .
أيهذا الجسد الفاقد للأمل ، للأمان ، للتفكير ، للراحة ... للحياة .
أيّ دمار ٍ ، ذلك الشبيه بالزلازل ، أقسى من دمار الهزال القابض على خصريك يا جسد ُ .
سراب كل ّ جسد يتوهم الحياة ، يتوهم بأنه صار أخيرا ً من مقدس الأجساد ؟

دعوه إذا ً يتمجد بلا أوامر ، بلا أنانية ، ذاك المهرول المقطع الأنفاس ، الراكض حول الأرض يجوب أمانيكم ،دعوه ينسى قليلا ً كم بركة طين ٍ استحم بها ، كم وعرة طريق ٍ تعثر بها ، كم قطرة دم ٍ أنزف َ ، كم أحيا قاتلا ًكم مقتولا ً قتل َ ... دعوه ، هو الجسد المسكين المقتول بخناجر ٍ بلهاء
..................
ذاكرة ٌ خجولة أيتها الروح ... ذاكرة حبلى بالمآسي ... بالضجر .