بعد نوبة بكاء.. هل من فوائد نفسية أو بدنية؟

لا يوجد ردود
مشترك منذ تاريخ: 12/09/2006

بعد يوم عصيب مليء بالتوتر والقلق والضغط النفسي، أو بعد فقدان عزيز، أو نهاية علاقة عاطفية، أو تحت وطأة الضغوط والشعور بالإحباط والعجز أمام مصاعب الحياة،
قد نذرف الدموع، ونجد فيها وسيلة لجلب العزاء والسلوان، وتخفيف الهم والحزن عن أرواحنا التعبة.. ولكن لماذا هذا البكاء ، وهل حقاً يريحنا ويفيدنا ويخرجنا مما نحن فيه..؟؟‏‏
تفاعل نفسي‏‏
ولأن البكاء تفاعل نفسي، فإن الأطباء النفسيين هم الأقدر على البحث عن ملابساته وجوانبه النفسية والدماغية، ففي دراسة لفريق من الباحثين الأمريكيين من جامعة فلوريدا، وباحثين هولنديين من جامعة تيلبيرغ، تم التوصل إلى أن الحصول على فوائد نفسية أو بدنية أو اجتماعية من عملية البكاء، يعتمد بشكل كبير على ماالذي يبعث على البكاء، وأين حصل ذلك، وحتى انتابت الشخص تلك النوبة المعينة من البكاء، ووجد الباحثون أن غالبية الأشخاص المشمولين في الدراسة حوالي 60٪ وصفوا شعورهم بعد بكائهم بأنه تحسن وارتياح في مستوى المزاج النفسي والذهني، ومع ذلك ذكر حوالي 30٪ أنهم لم يشعروا بذلك الاحساس النفسي الجيد والمريح، بينما 10٪ ذكروا خلاف ذلك كله، ووصفوا احساسهم بعد نوبة البكاء بأنه غدا أسوأ.‏‏
وبالمراجعة الأدق وجد الباحثون أن الأشخاص المصابين بحالات مزمنة من القلق والتوتر هم أقل استفادة من البكاء وأكثر شعوراً بعدم الارتياح بعده.‏‏
وهرمونات التوتر والبكاء كلمة يقصد بها التعبير عن فعل ذرف الدموع تفاعلاً مع حالة نفسية يمر بها الإنسان، حيث في حالة البكاء تثار الغدد الدمعية عبر إشارات تصلها من مراكز الدماغ معنية بالتفاعل العاطفي، ولاتزال الغالبية في الأوساط العلمية تعتقد بأن الإنسان الكائن الحي الوحيد الذي يذرف الدموع تفاعلاً مع حالة عاطفية تعتريه، وأن الحيوانات بأنواعها لا تملك هذه السمة والميزة.‏‏
تأثير الدعم الاجتماعي‏‏
وتشير الدراسات الطبية الإحصائية إلى أن معدل بكاء الرجل مرة في كل شهر، بينما معدل بكاء المرأة هو خمس مرات على أقل تقدير شهرياً، ويرتبط ارتفاع معدل بكاء المرأة بالتغيرات الهرمونية التي تعتريها بسبب الدورة الشهرية أي دونما علاقة مباشرة بالحزن أو الاكتئاب أو الغضب.‏‏
وهناك من يرى أن احتواء دموع البكاء على كميات من عدة هرمونات مرتبطة بالتوتر وغيره، هو السبب وراء الراحة النفسية التي يشعر بها المرء بعد انتهاء نوبة البكاء، كما إن تفاعل الجسم مع تراكم وارتفاع نسبة هرمونات التوتر هي البكاء لتخليص الجسم منها، والأسباب الباعثة على بكاء الإنسان تتفاوت ما بين التفاعل مع اصابات الألم في إحدى مناطق الجسم أياً كان مصدر الألم، لتصل إلى معانٍ عاطفية مرتبطة بالتسبب في الألم النفسي أو الحزن أو الغضب أو حتى الفرح، ولاحظ الباحثون أمراً مهماً، وهو أن الأشخاص الذين ينالون دعماًً اجتماعياً من شريك الحياة أو أحد الأقارب أو الأصدقاء، خلال نوبة البكاء، هم أكثر احتمالاً للشعور بالراحة والطمأنينة بعد ذلك.‏‏
دموع الرجال باتت مقبولة‏‏
ومما هو ملاحظ أن المجتمعات لا تتقبل بكاء الشخص البالغ أسوة بتقبلها بكاء الطفل الصغير، وتزداد الأمور تعقيداً في بعض المجتمعات عند تفشي اعتقاد أفرادها بأن البكاء للنساء وللأطفال فقط، وتراه من العيب على الرجل بالذات.‏‏
وكانت البروفيسورة ستيفاني شيلدس المتخصصة في علم النفس ودراسات المرأة بجامعة ولاية بنسلفانيا ، قد أجرت دراسة حول توقعات البكاء لدى الجنسين، وخلصت إلى أن إثارة حصول البكاء بالمشاعر العاطفية هو أحد الصفات المميزة للبشر، ودموع الشخص البالغ يمكنها أن تكون وسيلة قوية للحصول عل اهتمام وعطف الغير، ولكننا نجد أن الدموع مثيرة للريبة والازدراء بخصوص الدوافع والمحفزات لدى الشخص الباكي.‏‏
ورأت أن ثمة تحولاً حصل في السنين القليلة الماضية عن نظرة الحكم بالاستنكار لبكاء الرجل، وهي النظرة التي أكدت الدراسات النفسية شيوعها في الماضي، وأضافت.. أن اليوم ينظر إلى دموع النساء والرجال على أنها مقبولة في الحالات الشديدة ، كوفاة الحبيب أو انتهاء علاقة عاطفية، التي لا قدرة للإنسان على ضبط تفاعله العاطفي تجاهها، بينما تظل غير مقبولة في الحالات الأقل شدة، فالنظرة الاجتماعية اليوم نحو الدموع هي ايجابية بغض النظر عن نوع جنس ذارفها أو الدافع العاطفي
 

ذكريات الزمن القادم...