إذا كان فواز حداد روائياً عادياً فهو بلاشك فنان في التأريخ عبر الفن، حيث اللغة والأسلوبية الرشيقة والغنى الهائل في التفاصيل والحيثيات الاجتماعية والسياسية من خلال أسلوبية تصل في براعتها ودقتها آلية عمل الجراح الماهر بمبضعه في الجسد الإنساني، وربما أكثر!! ‏
لم يقل فواز حداد جديداً في تاريخ وفسيفساء المجتمع السوري فربما يعرف كثيرون أكثر مما يعرفه فواز حداد في تاريخ الشام، وفي النهاية التاريخ قابل لأن يعرفه كل من أراد أن يعرف، ولكن ماصنعه فواز حداد أنه قال التاريخ عبر الفن، أي الرواية والأدب، مثلما فعل غيره من الروائيين العرب تجاه المجتمع العربي من مصر حتى المغرب الأقصى، غير أن مأثرة فواز حداد تكمن في امتلاكه لتلك البراعة الفنية التي تستطيع أن تمرر عبر الرواية أكثر المواضيع جفافاً وتعقيداً وفظاظة أحياناً بطريقة فنية ذكية بالغة التأثير تنتج في النهاية عملاً روائياً مليئاً بكل العناصر الجمالية لفن الأدب الروائي متكئاً على التاريخ كموضوع وجسرٍ لقول العبارة. والعبارة في النهاية عند فواز حداد تتوخى الحقيقة والجمال معاً، التاريخ والفن، خصوصية دمشق وعمومية المجتمع السوري والإنساني كافة، الذات الإنسانية بكل تناقضاتها وجمالياتها وبشاعتها وصورة المجتمع بكل أطيافه وأفكاره ومذاهبه وأحزابه. ‏
فواز حداد لايكتب تاريخ دمشق وسورية، لأن أي خريج لقسم التاريخ في جامعة دمشق يستطيع أن يفعل ذلك، من حيث أن فواز حداد يزركش الثوب الروائي بعناصر اللغة والأدب والصورة والجمال مستخدماً التاريخ ليقول في المحصلة أفكاراً هي فنية وهي سياسية وهي أخلاقية، وهي بالمحصلة مجموعة من القيم التي يسعى حداد إلى بوحها في المجتمع السوري كطرف في حوار مع هذا المجتمع بكل أطيافه يخوض حراكاً اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وكذلك، هو مساهمة في حركة الأدب السوري الروائي سيكون محطة لابد أن يقف عندها كل من سيمسك قلماً ليكتب رواية في المجتمع السوري المعاصر أو القديم. ‏
بالمحصلة. تكمن أهمية فواز حداد بأنه يضيف لنا فناً روائياً جديداً.. ومنظومة قيم مهما كانت بسيطة في ظل حجمها ضمن إطار صراع القيم الواسع في المجتمعات العربية ولكنها بالنهاية: عبارة تدخل في حوار الأفكار والقيم وهو يفعل ذلك بجرأة الشاعر وجسارة الفنان ومروءة الرجل العاشق لبلده وشعبه والغيور على مستقبل الإنسان خصوصاً في بلده وعموماً في الإنسانية جمعاء