سطحية العقل الجمعي

2 ردود [اخر رد]
صورة  Shirzad's
User offline. Last seen 12 سنة 11 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 12/08/2006

 

مع مطالعتي لأحد الكتب رغبت أن أدون فقرات تناولت موضوعا هاما ألا وهو العقل الجمعي عسى أن ينفعكم ويخدم خزينتكم الفكرية..

 

يعاني العقل الجمعي – على نحو عام – من السطحية وانخفاض مستوى الفهم ، كما يعاني من نوع من المجافاة للتحليل والتفصيل والتفلسف ، ولن نعرف على وجه الدقة الأسباب الجوهرية لذلك ، لكن ربما كان حرص العقل الجمعي والثقافة الشعبية على التلاحم والتضامن الأهلي هو الذي يجعل الناس يسيرون بسير الأضعف فيهم ، ويخفّضون مستوى الفهم لكل الأمور ، ويظهرون الكثير من المراءاة والمراعاة والمجاملة ، مع التقليل من النقد لمفردات العقل الجمعي ، وكل ذلك من أجل تعزيز الشعور التضامني والظهور بمظهر التوحد. ومن الملاحظ في هذا السياق أن الأفكار والمفاهيم والمقولات الأكثر سهولة وسطحية هي التي تظفر بنصيب الأسد من الانتشار والتعميم والتداول ، مما يكبح أي فكر عميق لدى الأفراد ، ويدفع بالصفوة إلى العمل في مجال خاص ومحدود. هذا يعني أن التيار العريض في المجتمع ليس هو التيار الأكثر علما أو فهما أو صلاحا...، ويمكن أن نستشف ذلك من قول الله تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ). وقد أشار القرآن الكريم في كثير من المواضع إلى أن أكثر الناس لا يعلمون ولا يشكرون ولا يعقلون ، كما أن أكثر الناس للحق كارهون ، وعنه معرضون .

موقف العقل الجمعي من العقل الفردي قائم في معظم الأحيان على الاستحواذ وعلى الخوف من التفلت والابتعاد ، وهو بذلك يشبه الأم الرؤوم التي لم تنجب سوى ولد واحد ، فهي متعلقة به إلى حد الهوس والوله ، وتعتبر كل من يقترب منه منافسا لها بوجه من الوجوه ، وكلما كانت سيطرة الجهل على المجتمع أشد كان خوف العقل الجمعي من شذوذ العقل الفردي عنه أكبر وأعظم ، ولهذا نجد أن كثيرا من الناس عندنا لا يرتاحون للجديد ، ولا يحبون من أحد أن يجرب ، أو يحاول شيئا غير مألوف ، وإذا حاول أحدهم ذلك انتظروا إخفاقه حتى يقدموا له النصيحة بعدم التكرار ، وكل هذا من أجل استمرار التشابه وبقاء كل شيء على حاله !.

ميزة المفكر كثيرا ما تتجلى في تمكنه من بلورة وعي فردي مستقل ، يمكنه من اتخاذ موقف متمايز مع المواقف الاجتماعي العام ، وهذا التمايز هو الأساس الذي تقوم عليه الرؤية النقدية للمجتمع ، وقد دعا القرآن الكريم إلى شيء من هذا التمايز حين قال : (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ). هذه دعوة من الله تعالى لمن يريد الوصول إلى الحقيقة بأن ينعزل بوعيه وجسمه عن الوسط الذي يعيش فيه وعن أفكاره ومفاهيمه ورواسبه ومقولاته ، ثم يقوم بالتفكير والتأمل ليرى الأشياء بعيدا عن سلطة الجماهير وسلطة العقل الجمعي القاهر ، ولا بأس أن ينعزل اثنان عن ذلك الوسط من أجل التحاور وتلقيح الأفكار في سبيل استبانة الحق وفهم الأمور على ما هي عليه .

 

~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~

لنحب كل الناس.. لنحب من يتفقون معنا لنتعاون معهم ، ونحب من يختلفون معنا لنتحاور معهم

صورة  ronyda's
User offline. Last seen سنة واحدة 6 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 03/09/2009

اطيب تحية للاخ شيرزاد

في الاية الكريمة يطالب الله سبحانه وتعالى الذين اتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنون ,ان ينفكوا عن الجماعة ويتحاور كل اثنين مع بعض , او كل فرد يخلو بنفسه فيحاورها ليرى مدى صحة هذا الاتهام او بطلانه .

فينبغي الانفصال عن السائد من كلام الناس واعمال الفكر والعقل للوصول الى الحقيقة , حيث ان ما يدفع الفرد الى الانصياع لما تردده الجماعة , حتى لو لم يكن على قناعة تامة به , هو ضيق الثقافة وعدم الاطلاع , وهذا ما يدفع الى تنامي هذه الظاهرة ( العقل الجمعي ) في مجتمعنا ,وتجعلنا متعصبين لاراء ومفاهيم دون ان نحللها او ندرك الاسس التي قامت عليها , وهنا نستشف قول الله تعالى : ( بل قالوا انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مهتدون ) الزخرف 22.

من اهم العوامل المساعدة على مواجهة هذه الظاهرة , تنمية الثقة بالنفس والقدرة على صنع القرار واتخاذ الاختيار المناسب , فاذا اقتنع الفرد بصلاح عمل ما , فينبغي فعله دون ان يعير اهمية لكلام الجماعة , مع الاخذ بعين الاعتبار انه ليس كل كلام الجماعة ( او ما يطرحه العقل الجمعي ) مرفوضا .بل المرفوض هو الكلام الذي يثبط الهمم , ويدعو الى الاستهزاء من العاملين من ذوي التفكير الابداعي .

لكم اجمل تحية ودمتم بخير  

صورة  Shirzad's
User offline. Last seen 12 سنة 11 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 12/08/2006

 

أهلا بك وبحضورك الكريم ..القديرة رونيدا...

 

نعم فلقد دعاهم الله سبحانه إلى العزلة المؤقتة عن المجتمع للتخلص من شوائب العقل الجمعي وتوصلا إلى رؤية نقدية له .

ولا أنسى أن أتطرق ضمن هذا السياق إلى مشهد آخر ، وهو رؤية من تدفع بهم ردود الأفعال على هذه الظاهرة ( العقل الجمعي ) إلى حالة مرضية من العزلة والانغلاق والرفض الجامد ، مع العلم أن الانفتاح والاحتكاك بالمجتمع ومواقفه وانطباعاته وتصوراته هو اللبنة الأولى لبناء العقلية النقدية والشخصية المؤثرة .

 

~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~

لنحب كل الناس.. لنحب من يتفقون معنا لنتعاون معهم ، ونحب من يختلفون معنا لنتحاور معهم