تسأولات...

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 6 سنة 1 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/02/2011

خبرني من جديد أيها الوجود.. لماذا لا يتحول ما نريده إلى حقيقة نحياها؟

لأسباب كثيرة.... لأنكم لا تثقون بأنكم سوف تحصلون على ما تختارون.. لأنكم لا تعرفوا ماذا تختاروا. لأنكم مستمرون بالبحث عن ما هو الأنسب والأفضل لكم تُساوركم في كل خطوة آلاف الظنون..لأنكم تريدون ضمانات لأن كل ما ستختاروه سيكون جيداً مفيداً لك.. ولأنكم في تغيير عقولكم تستمرون.
 
أليس من حقي معرفة ما هو الأنسب والأفضل لي؟

إن كلمة أفضل هي كلمة نسبية تختلف معاييرها باختلاف الظروف والسياق وغيرها من الأشياء.. وهذا ما يجعل الإختيارات أمر في غاية الصعوبة. عليكم فقط أن تراعوا شيئاً واحداً حين تقوموا بأخذ قراراتكم: هل ما أقوم به يعرف من أكون؟

إن روحك تود لو أنك تبحث داخل ذاكرتها لترى كيف بإمكانك أن تحيا تجربة تجاوزية أبدية في هذه اللحظة الحاضرة.. لكن لأجل أن تفعل هذا فعليك أن تكون خارج علبة عقلك تماماً.. حين تقوم بتمضية وقتك باحثاً..عن ما هو الأفضل لك.. محتاراً تتأرجح تارةً بين هذا وتارةً بين ذاك.. تكون في الحقيقة تفعل شيئاً واحداً: تضيِّع وقتك. فإلى متى

 بتضييع الوقت ستستمر؟

وفر الوقت واخرج من عقلك نهائياً.. القرارات تتَخذ بسرع.. والخيارات تتفعل بسرعة أسرع منك.. لأن روحك تخلق واقعك الذي تكونه من رحم التجربة الآنية التي تحياها فقط لا غير.. دون مراجعة أو تحليل أو نقد لأي ظروف ماضية مررت بها.
تذكر هذا: الروح تخلق والعقل يقوم بردة الفعل.
الروح تعلم بحكمتها بأن التجربة التي تمر بها الآن في هذه اللحظة إنما هي تجربة قد أُرسلت لك من الله قبل حتى أن تعي وجودها أو قدومها. اللحظة الحاضرة.. التجربة الحاضرة موجودة لتحضرك وتخبِرك بأن تتأمل في حضرتها وتفهم لماذا هي هنا؟ إنها في طريقها إليك حتى قبل أن تبحث عنها لأن الله يعلم ما تريده وتحتاجه قبل حتى سؤالك عنه.. لذا تجد اختلاف بين ما يطلبه البشر من الله غالباً وبين ما يعطى لهم هملا يعرفون ما يناسبهم.. ما يحتاجوه ولا ما يتناسب ورسالة أرواحه.. فيأتيهم ما تريده أرواحهم لكنهم عن أرواحهم غافلين فيعتقدوا أن الله لم يجيب سؤالهم.. لكنهم لا يعلمون.
إن الروح تسعى بحدسها وحكمتها وتبحث عن اللحظة المناسبة والظرف المناسب حتى تشفي أفكارك الخاطئة وتجلب لك تجربة مجيدة..عن حقيقة من تكون حقاً. إنها رغبة الروح في أن تعيدك إلى منزلك، إلى الله. إنها نية الروح في أن تعرف نفسها من خلالك، من خلال التجربة وبالتالي تعرف الله. فالروح تعلم أنك من الله وبالله وفي الله، وبالتالي فمعرفتك نفسك تعني معرفته.
لذا فلتخرج من العقل حين يحين موعد اتخاذك لقرار.. إبحث عن الروح ودعها تقول رأيها وتختار. فالروح تفهم ما ليس بإمكان العقل استيعابه وإدراكه. وإن أمضيتَ وقتك باحثاً عن ما هو الأفضل لك فسوف تكون قراراتك حذرة.. وقراراتك ستحتاج الأبدية حتى تصل من خلالها إلى قرار.. وسوف تقذف برحلتك على شاطىء التوقعات. وإن لم تكن واعياً يقظاً فسوف تستلقي وتغفو عفوة أبدية على شاطىء توقعاتك.
 
لكن كيف لي أن أصغي لصوت الروح؟ كيف أفهم ما أسمعه؟

الروح تتحدث من خلال مشاعرك.. إصغِ لمشاعرك.. لإحساسك. إتبع إحساسك. قدر وكرم أحاسيسك.
 
لماذا يبدو الأمر وكأن إصغائي لمشاعري وأحاسيسي هو من قادني للتورط في مشاكل كثيرة منذ البداية؟

لأنكم في مجتمعكم صنفتم النمو الروحي على أنه المشكلة.. والوقوف مكانك راوح كونياً على أنه الأمان. لكني أقول لك بأن أحاسيسك لن تقودك للمشاكل أبداً.. لأن أحاسيسك تمثل حقيقتك.
وإن أردت أن تحيا حياة تعادي فيها إحساسك ولا تتبعه أبداً.. بل تسعى إلى فلتَرَته من خلال آلة تسمى العقل.. فلتفعل. فلتتخذ قراراتك بناءً على تحليل عقلك للوضعية والظروف والحال والسياق. لكن لا تبحث عن أي نعمة أو مرح في هكذا جو آلي ولا عن احتفالك بحقيقة من تكون.
تذكر هذا: الإحتفال الحقيقي لا يمت للعقل بصلة. يحدث دائماً وأنت خارج علبة العقل.
إن أصغيْتَ لروحك ستعلم ما هو الأنسب والأفضل لك.. لأن الأفضل لك هو الحقيقي الذي يساعدك على أن تكون أنت.
وحين تتصرف من منطلق ما هو حقيقي لك فسوف تُسرع خطاك نحو بيتك الحقيقي. وحين تخلق تجربة مبنية على حقيقتك الآنية بدلاً من القيام بردة فعل اتجاه تجربة مبنية على حقيقتك الماضية، فسوف تقوم بخلق كينونتك الجديدة.
وتسألني.. لماذا تتخذ المواقف والإختيارات التي نتخذها وقتاً طويلاً حتى تتحقق في الواقع... لماذا لا يتحقق ما نختاره سريعاً؟ لأنك لم تكُن تحيا حقيقتك.
إعرِف الحقيقة وسوف تحررك.
وحين تعرف الحقيقة لا تستمر بتغيير عقلك اتجاهها. فهو عقلك من جديد يحاول اختيار ما هو الأفضل لك.. من جديد. توقّف عن هذا... أخرج من عقلك للأبد. عد لحقيقتك. أخرج من سجنك.. من قيدك ومن وهمك وحلمك. عد لحقيقة ما تشعر به، لا ما تفكر فيه. أفكارك هي مجرد أفكار ليس أكثر. أبنية ذهنية افتعلها العقل. لكن أحاسيسك الآنية حقيقية. الأحاسيس هي لغة الروح وروحك هي حقيقتك.
 
هل يعني هذا بأنه علينا التعبير عن أي إحساس أياً كان؟ لا يهم مدى سلبيته وانحرافه؟

الأحاسيس ليست سلبية ولا منحرفة. الأحاسيس هي ببساطة: حقيقة...كيف تعبر عن حقيقتك.. هذا هو ما يهم. حين تعبر عن حقيقتك بمحبة فإن النتائج السلبية المدمرة تصبح نادرة الحدوث. وإن حدثَت فهذا يعود لأن أحدهم قد اختار أن يختبر حقيقتك بطريقة سلبية مدمرة. وفي مثل هذه الحالات ليس بإمكانك فعل شيء لتفادي ما حدث.
تذكر: ليس مهماً كيف يستقبل غيرك رسالتك أو مدى حسن استقبالهم لها.. ما يهم هو كيف أرسلتها.
ليس بإمكانك تحمل مسؤولية مدى حسن استقبال الآخرين لرسالتك وحقيقتك، بإمكانك فقط التأكد من حسن إيصالك لها. وبحُسن إيصالك لها لا أقصد مدى وضوحها.. بل مدى محبتها ورحمتها وصدقها وشجاعتها وشفافيتها واكتمالها.
وبالتالي فلتعبر عن ما أسميته بالمشاعر السلبية لكن ليس بعدائية. إن الفشل في التعبير عن الأحاسيس السلبية لا يجعلها تهاجر وترحل ستظل مقيمة بداخلك. والسلبية المحجوزة داخلك تؤذي الجسد وتثقل الحمولة على الروح.
 
لكن إن سمع كل إنسان ما تكنه عنه من أفكار سلبية وحتى وإن أوصلتها له بطريقة ودية فسوف تتأثر العلاقات جميعها وتنحَلّ.
قلت لك أن تعبر لكني لم أقل مع مَن أو كيف. لست بحاجة لمشاركة ما تشعر به من سلبية مع الشخص الذي تشعرها اتجاهه. من المهم والضروري مشاركة هذه المشاعر مع الآخر الذي تكنها له حين ترى أن عدم مشاركتها معه سيكون على حساب كرامتك وصدقك مع نفسك أو أن سيقوده لتصديق حقيقة غير موجودة.. حقيقة واهمة.
لن تكون السلبية إشارة للحقيقة المطلقة حتى ولو بدَت أنها حقيقتك في اللحظة الآنية. قد تنبع السلبية من جزء فيك مجروح ولم يشفى بعد. في الواقع دائماً ما تنبع السلبية من الجروح. لهذا من المهم جداً إطلاق هذه السلبية خارجك للأبد، إطلاق سراحها حتى تهجرك للأبد. فقط حين تتخلى عنها ولا تمسك وتتمسك بها.. حين تدعها ترحل دون أن تهاجمها وتعارضها.. حين تضعها أمامك وتواجهها سيكون بإمكانك رؤيتها بوضوح شديد وتتأكد إن كنت تصدقها أم لا.
قُل كل ما تشعر بقوله من أشياء قبيحة سيئة وأنت تواجه نفسك.. أخرِج هذه الكلمات وانطق بها وحررها من داخلك.. ومجرد نطقك بها سيحررك منها وستعلم أنها لم تعد تبدو لك حقيقة ملحة كما كانت قبل النطق بها.
نعم عليكم جميعاً التعبير بوعي عما يدور ويجول ويحترق بداخلكم من مشاعر الخوف والحقد والغضب لأجل اكتشافها فقط.. ومجرد التعبير عنها ستكتشفوا أنها كانت غيوم في سماء حقيقة ما تشعروا به. أغلقوا باب غرفتكم واستفرغوها خارجكم.
من هذا المنطلق.. بإمكان المشاعر والأحاسيس أن تكون خادعة. الأحاسيس هي لغة الروح لكن عليك التأكد من أنك تصغي لأحاسيسك الحقيقية وليس لموديل أو ديكور مزوَّر شبيه بإحساسك قام العقل ببنائه وتصميمه.
 
يا الله... الآن لم يعد بإمكاني أن أثق في إحساسي حتى. عظيم.. ظنَنت أنها الطريقة الوحيدة لمعرفة الحقيقة فقد أخبرتَني بذلك....
إنها الطريقة الوحيدة.. وقد أخبرتك فعلاً. لكن الأمر أكثر تعقيدا مما تظنه.. وليس سهلاً عليك فهمه وإدراكه الآن. بعض الأحاسيس هي أحاسيس حقيقية وهذه هي الأحاسيس التي تولد داخل الروح. وبعض الأحاسيس هي أحاسيس مزيفة.. هذه الأحاسيس قد تم بناؤها داخل عقلك.
بمعنى آخر الأحاسيس المزيفة ليست بأحاسيس بالمرة.. إنها أفكار. أفكار تتنكر بزي الأحاسيس.. أفكار ترتدي قناع المشاعر والأحاسيس.
هذه الأفكار مبنية على أساس تجاربك السابقة وتجارب غيرك من البشر. أنت ترى أحدهم يعبس حين يتم اقتلاع ضرسه فتعبس حين يتم اقتلاع ضرسك. قد لا يتسبب لك بأي ألم حتى لكنك تعبس على أية حال. ردة فعلك لا علاقة لها بالواقع.. لكن لها علاقة بكيفية استقبالك للواقع بناءً على تجارب الآخرين أو شيء حدث لك في الماضي.
إن التحدي الأعظم لكم كبَشر هو أن تكونوا الآن وهنا وتكفوا عن اختلاق الأشياء وافتعالها. كفوا عن التورط بأفكار عن اللحظة الآنية (فقد أرسلت الروح لكم هذه اللحظة من قبل أن تفكروا فيها أصلاً.. فأنى لكم التفكير بها؟ لقد قمتَ بإرسالها لنفسك، فلماذا تعود وتفكر بها؟). كن في اللحظة وتذكر.. فقد أرسلتَ هذه اللحظة لنفسك كهدية. تلك اللحظة حوَت بذرة حقيقة عظيمة.. حقيقة تمَنيتَ لو أنك تتذكرها وها هي قد أتَتك.. لكنها حين أتَتكَ أنكَرتَها ورممتَ أفكار عنها. بدلاً من أن تكون داخل اللحظة.. وقفتَ خارجها وحكمتَ عليها. أنت هكذا تقوم بردة فعل.
والآن فحين تحيا كل لحظة بصفاء وطهر تام بعيد عن الأفكار المسبقة فسيصبح بإمكانك خلق من تكون.. لن تخلقه في الواقع بل ستكون من تكون.. كن فيكون.. كن هذه الكينونة الآن.. إنها موجودة أمامك الآن فماذا تنتظر؟ كن ولا تقم بردة فعل.
الحياة عملية كينونة مستمرة وأنت تصر على عيشها بردة فعل فتظل خارج الكينونة والديمومة والأبدية. ستظل خارج الله.
 
لكن كيف لمخلوق عاقل أن يتجاهل تجاربه الماضية في اللحظة التي يواجه فيها شيئاً جديداً؟ أليس عادياً أن تستدعي في لحظتها كل ما عرَفته فتتصرف منه؟..قد يكون عادياً لكنه ليس طبيعياً. العادي يعني شيء من المعتاد عمله.. أما الطبيعي فيعني حالك حين لا تحاول أن تكون عادي.
الطبيعي والعادي ليسا بالشيء ذاته.
سأقول لك شيئاً: ما من شيء طبيعي أكثر من الحب.
إن تصرفتَ بحب فأنت تتصرف بطريقة طبيعية. أما إن تصرّفتَ بخوف أو بغضب.. قد يكون تصرفك عادياً نتيجة الظرف الذي تمرّ به لكن تصرفك هذا لن يكون طبيعياً أبداً.
 
كيف أتصرف بحب في حين تصرخ تجربتي السابقة في موضوع معين.. بأن اختباره مجدداً سيكون مصدر ألم لي؟

تجاهَل تجربتك السابقة وكن بكليتك في اللحظة. إستخدم اللحظة لتكون فيها كياناً جديداً وتذكر.. هذا ما تفعله هنا على الأرض.. هذا دورك. لقد أتيتَ إلى العالم بهذا الحال.. في هذا الوقت.. في هذا المكان لتعرف من تكون ولتحيا كينونة وحقيقة من تكون.
هذا هو هدف المجيء إلى الأرض ولا هدف غيره. الحياة هي رحلة أبدية من الخلق. جميعكم تستمرون بخلق أنفسكم من جديد في كل مرحلة بصورة فكرتكم السامية التالية عن أنفسكم.
 
ألن يكون هذا كمَثَل رجل تخيل الله داخله وأن بإمكانه فعل المعجزات وبدأ ينتابه الجنون شيئاً فشيئاً وبدأ بإيذاء نفسه.. متجاهلاً تجربته السابقة وتجارب الآخرين فظن نفسه مقدساً بإمكانه فعل المعجزات؟
وأنا أقول لك بأن الإنسان قد بلغ قمم أعلى وأهم وأعظم من التخيُّل، فقد شفى المرضى وأحيا الموتى.
 
رجل واحد فعل هذا.
أتظن أن رجل واحد فقط هو من يمتلك هكذا قدرات ينشرها في العالم المادي؟
 
رجل واحد استخدمها فقط.
ليس صحيحاً. من الذي شق البحر الأحمر؟
 
الله.
ومن الذي نادى على الله ليفعل هكذا؟
 
موسى.
بالضبط. ومن الذي نادى عن الله ليشفي المرضى ويحيي الموتى؟
 
يسوع.
رائع. والآن أتظن أنه ليس باستطاعتك القيام بما قام به موسى ويسوع؟
 
لكنهما لم يفعلا.. لقد طلبا ذلك من الله وهذا أمر مختلف.
سأخاطبك على قدر عقلك. وهل تظن أنه ليس باستطاعتك طلب هكذا معجزات من الله؟
 
أظن أنه باستطاعتي.
وهل سينفذوا؟
 
لا أعرف.
هذا هو الفرق بينك وبين موسى.. وهذا ما يبعدك عن يسوع.
 
العديد من الناس يؤمنون بأنهم إن دعوا الله بإسم يسوع أو غيره فسوف يستجيب لهم ويضمن تحقيق طلبهم.
نعم.. كثير من الناس يظن هذا. يؤمنون بأنهم لا يملكون أي قوى ولكنهم رؤوا أو سمعوا من أناس رؤوا.. قدرات يسوع لذلك يناجون باسمه. برغم من أن يسوع نفسه سألهم عن سبب استغرابهم وأخبرهم أن باستطاعتهم فعل ما فعَله والمزيد. لكن الناس لا تثق بأنفسها أبداً وإلى اليوم.
جميعكم تتصورون أنكم لا تستحقوا لذا تسألون بإسم يسوع أو غيره ممن تتبعون. لكني أقول لك أطلب وسوف تَلقى.. أطُلب وسوف تجد.. أطرق الباب وسوف يفتح لك. وهذا ما أخبركم به يسوع.
إن ذلك الرجل الذي تتحدث عنه وقد تخيل أن بإمكانه فعل المعجزات حتى سار به دربه نحو الجنون.. إنما عاش حياته في هذا العالم واهِماً تخدعه نفسه والنفس خداعة لأنها هي أيضاً واهمة. عاش يخدع نفسه فتخيل نفسه مختلفاً عن بقيتكم والنفس تهوى الإستكبار. إن إعلانه أن الله داخله لم يكن عن تجربة واختبار يودي به للخشوع وليزيل نفسه من الدرب فيفنى فلا يبقى سوى الله.. لا فقد بدأ إعلانه بكذبة. لقد رغب بأن يكون هو والله كلاهما موجود حتى يكون بإمكانه تمييز نفسه عنكم ويريكم قدرته وقوّته.
إنها الأنا تعمل... إنه الشيطان يتنفس. هل تذكر مقولة أعوذ بالله من كلمة أنا؟
الأنا هي انفصالكم وانقطاعكم... الله يعمل المعجزات وحتى تحدث من خلالك فلن تكون أنت فاعلها.. بل فناءً وناياً وفراغاً لتحدث من خلالك وتعبر المشيئة بواسطتك عن حالها... عليك الفناء قبلاً لا أن تظل موجوداً فأي معجزة ستحدث وأناكَ وطمعك وجشعك لا تزال جميعها هنا؟ هذا الرجل لم يعلن توحده بالله.. لأن في التوحد فناء له كنفس.. بل أعلن دون أن يدري وقوفه مع الله جنباً لجنب وهذه كذبة فكان مصيره الجنون.
أما يسوع فقد انمسح بالله ولم يعد له وجود.. فأصبح يسوع المسيح بعد أن يكون يسوع الناصري.. وهذا الإنمساح كان تجربة ولم يكن إعلاناً. علِم أن وعيه إنما هو وعي الكل وليس ملكه فذاب وأخلى لوعي الكل الطريق حتى يلاقي ما فيه ويعبر من خلاله.. ومن هنا فإن كل ما كان يطلبه كان يتجسد آية مقدسة في لحظته الآنية المقدسة.
 
فهمت. وعي المسيح إذاً هو الإنمساح بالله.. والإنمساح بالله هو طريقنا للمعجزات التي تحدث من خلالنا لكننا لسنا من يقوم بها.
صحيح.. وكثيرون هم من بلغوا وعي المسيح كما بإمكانك أنت أن تصل.
 
كيف؟
بأن تبحث عن كينونتك.. كيف تكون حقيقتك التي قدر لها الكون أن تكون. باختيارك لأن تكون.. ولكنه اختيار عليك أن تختاره كل يوم وكل لحظة. لابد وأن يصبح هذا الإختيار هدف حياتك الأول والأخير.
هذا هو الهدف من حياتكم أجمعين لكنكم لا تعلمون.
 
لكن الناس يسعون أجمعين ولا أحد يصل من حيث يبدأ....
دعنا نقول لأنكم في الوهم تعيشون. يلجأ الإنسان إلى الله في عهد الصبا حينما تواجهه مشكلة أو يصاب بكارثة أو حين يحتاج شيئاً. حين تكبرون وتنضجوا قليلاً تدركون بأنه لربما لم تكن هذه الطريقة الصحيحة للتواصل مع الله.. فتميلوا لإيجاد شيء ذو معنى.. تواصل وصِلة حقيقية. تبدؤون بالطقوس أو الدعاء أو الترنيم فتصحى روح الله داخلكم.. يصحى الحنين داخلكم... لكن لا يزال الوهم قائم رغم كل هذا... الوهم الأساسي هو أنكم تظنون أنفسكم عن الله منفصلين. ولاكتشاف هذه الحقيقة وتوديع الوهم فالتأمل وعيش اللحظة هو الحل الأكيد الشديد.
لاتزالون تظنون حياتكم هي بشأن إصلاح سياراتكم ودفع فواتير تليفوناتكم وما ستجنوه من علاقاتكم والدراما التي تخلقونها جراء تصرفاتكم.. بدلاً من انتباهكم لأن حياتكم هي بشأن من هو خلف كل هذه الأحداث التي تحدث لكم.. بشأن الله مصدركم وأصلكم.
ومن هنا عليك تعلم سبب إصرارك على خلق الدراما الخاصة بك مراراً وتكراراً. لأنك مشغول جداً تلعب بها وتلهو. أنت تقول بأنك تفهم معنى الحياة لكنك لا تعيش مفاهيمك ولا تحولها لحقيقة وتجربة. تقول أنك تعرف طريق التوحد بالله لكنك لا تأخذ خطوة على هذا الطريق. أنت تدعي أنك على الدرب تسير لكنك لا تمشي عليه أصلاً.
وتقول أنكم تبحثون عن الله؟
آن أوان أن تصحوا أجمعين فما من أحد منكم يبحث.. إصحوا من الوهم. توقفوا عن الوهم وابدؤوا برؤية حقيقة من تكونوا. والآن أقول لك: هل تريد أن تكون وعي المسيح؟ كن المسيح كل لحظة من كل يوم. هل تريد أن تكون وعي محمد؟ كن محمد كل لحظة وكل يوم.  في كل ظرف وسياق وحال. لست وحدك فالله وما تجسد وما لم يتجسد من أنواره معك.. سيساعدك ويرشدك.. هو يرشدك كل لحظة.
 الله هو الصمت الهامس في صدرك.. في مقام قلبك يخبرك متى تنعطف ومتى تسير وماذا تقول وكيف تتصرف دون أن يسأل العقل أو يستشيره حتى فالعقل مرائي مخادع متلاعب عبد للمجتمع. إصغِ لصوت الله فقط. والله حولك في كل مكان لا يتركك لحظة.. فقط تأمل وانظر واصغِ.
الله هو كل شيء ولا داعي لنقول من هو الله وما ليس الله فهذا خطأ لأن لا أحد إلا الله.. ومع هذا سأخبرك بأن الله هو النسيم الذي يداعب شعرك والشمس التي تدفِىء جسدك والمطر الذي يتراقص على وجهك وعطر الأزهار يسافر لك يحمله الهواء والأزهار التي تحمل عطرها فترسله لأعلى والهواء الذي يحمل العطر.
الله بداية فكرتك الأولى.. والله نهاية فكرتك الأخيرة... الله هو إحساسك الذي غمرك في لحظة نشوتك. هو الإحساس الذي كان دافعك لتقوم بأفضل وألطف شيء فعلْته في حياتك... عِش هذه الذكرى وقم بكل شيء لأجله.. اجعل كل شيء وكل عمل جسر يصلك به ويعيدك له.