تجنيد الاطفال.. جريمة حرب

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 5 سنة 26 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 25/04/2012

ابتلي مجتمعنا الكوردي في الآونة الأخيرة بآفة خطيرة ,وظاهرة غريبة عنه ودخيلة عليه... الا وهي ظاهرة تجنيد الصغار, اي القاصرين من الجنسين ممن لم يبلغوا سن الرشد .
ان هذه الفئة العمرية الضعيفة غير الراشدة وغير الناضجة, هي في الحقيقة عماد المستقبل وضمانة بناءه وتطوره ,وان زجها في الصراعات والنزاعات المسلحة , وتحميلها مسؤوليات ينوء الكبار عن حملها , يشكل الخطوة الاولى نحو هدم مستقبلها وتدمير صحتها النفسية والجسدية ,كما والاضرار بكيان الاسرة بوصفها نواة المجتمعات والخلية الاولى فيها, وبالتالي حرمان هذه المجتمعات للبنة اساسية من لبنات البناء والتقدم.
ان مكان هؤلاء الاطفال الطبيعي هو على مقاعد الدراسة ودروب التحصيل العلمي والمعرفي, وليس في اي مكان آخر, وان تعريضهم للمخاطر أوتكليفهم بمهام قد تجعلهم عرضة لهذه المخاطر في هذه المرحلة العمرية , ينظر اليه على انه عمل مدان وغير حضاري, ولذلك فقد توجهت معظم دول العالم المتحضر والمجتمعات المدنية الى التصدي لهذه الظاهرة الضارة وحظرها واعتبارها جريمة يعاقب عليها القانون . وحتى الدول المتخلفة والنامية التي عايشت الحروب والصراعات الملحة, ادركت اهمية وخطورة هذه الآفة وبدأت تتخذ بدورها الاجراءات الرادعة لها وانضمت الى مجموع الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية التي تحظر تجنيد الاطفال .
و لقد اشارت اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989
الى أن الجماعات المسلحة لا ينبغي لها أن تستخدم الأطفال دون سن الثامنة عشرة في أي حال من الأحوال . ودعا الدول إلى معاقبة هذه الممارسات واعتبارها عملا جنائياً. ولا يشفع لهذه الحركات التذرع بضرورة حشد كل الطاقات البشرية في سبيل المعركة ,لأن هؤلاءالاطفال هم فئة ضعيفة ينقصها الوعي والدراية الكاملة بالفعل الذي يقدمون عليه ... .
وبشكل عام فان لجوء بعض الحركات المسلحة الى تجنيد الاطفال انما يعزى الى ضعف حجة الاقناع لدى هذه الجماعات بين اوساط البالغين , خاصة بعد ان تبدأ بفقدان شعبيتها بين اوساط الجماهير و الفئات البالغة , ولذلك فهم يعملون على استمالة القاصرين نظرا لسهولة اقناعهم بسبب ضعف خبرات هؤلاء الصغار الحياتية ونقص قدراتهم على الاختيار الصحيح.
ولا بد هنا من التنويه بشكل خاص الى ان لجوء حزب الاتحاد الديموقراطي الى قبول مثل هذه الممارسات أواللجوء اليها انما يحولها من حركة سياسية -عسكرية لها انصارها ومؤيديها الى مجرد ميليشيا لا تختلف كثيرا عن حركة الشباب الصومالية او جبهة النصرة او ما شابه من ميليشيات لا تكترث لأية قوانين او اعراف دولية عندما يتعلق الامر بتجنيد الاطفال , الأمر الذي يعرضها لتهمة ارتكاب احدى جرائم الحرب المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقيات الدولية الموقع عليها من اكثر من 180 دولة.
ان استمرار تفشي هذه الآفة الغريبة في مجتمعنا الكوردي ستكون له عواقب وخيمة سواء في الحاضر أوالمستقبل وعلى كافة الاصعدة وبخاصة منها الجانب الاجتماعي , نظرا لان معظم هؤلاء الاطفال المغرر بهم انما يتركون مدارسهم و يهربون من ذويهم , فيلتحقون بصفوف الحركات المسلحة دون ارادة او علم اولياءهم , اللذين يقومون (وهم على حقّ )بتحميل المسؤولية عما يحدث لابناءهم الى تلك الحركات المسلحة .و لا ينفع هنا القول بان ذلك الطفل قد اتخذ قراره بمحض ارادته.. لان التمييز هنا بين التطوع والتجنيد الاجباري امر مصطنع كما ذهبت اليه محكمة الجنايات الدولية في احد احكامها...
واخيرا فان على المجتمع ان يرعى مصالح الصغار اجمالا بوصفهم اولى المواطنين بالرعاية, ويقيهم من الغوائل , ويجعلهم يطمئنون الى يومهم وغدهم ويعططيهم الفرصة الكاملة للوصول الى المرحلة العمرية التي يستطيعون فيها اختيار القرار الصائب الذي يناسب قناعاتهم وتطلعاتهم مهما كانت , طالما انها تهدف الى غد افضل لهم ولمجتمعاتهم.

شيركوه كنعان عكيد اوسلو 21.04.2013

شيركوه كنعان عكيد