الكرد في معادلة الثورة السورية

لا يوجد ردود
مشترك منذ تاريخ: 08/12/2012

السياسة علم، ومن يتعامل معها بغباء مقصود او غير مقصود يخلق الكثير من الارتباك في عقول الناس ويوجههم في طريق خاطئ تكون نتائجه كارثية على أصحابها أحيانا وعلى شعوبهم التي يتحدثون باسمها على الأغلب. في يومنا الراهن ضمن معمعة الصراع الدائر في سوريا وبطبيعة الحال غرب كردستان جزء مهم يؤثر ويتأثر بهذا الصراع ومقوماته وأسسه وأطرافه ، وحين يسعى أي طرف كردي سواء كان شخصا أو مثقفا أو منظمة أو حزبا لطرح رؤيته ويقوم بنشاطاته وفق ذلك عليه أن يدرك جيدا آليات وأساليب هذا الصراع وما ستحمله من نتائج إيجابية أو سلبية تؤثر في توجه القضية التي يدعي أنه يدافع عنها نحو الحل او التأزم؟!
إذا ألقينا نظرة خاطفة على مجريات الأحداث خلال السنة الماضية من عمر الثورة السورية سنرى بأنه توجد توجهات مختلفة في الشارع الكردي وهناك صراع بين هذه التوجهات وبطبيعة الحال الحلول المطروحة سواء للقضية الكردية او القضية السورية مختلفة. بعضهم يربط بين القضيتين وبعضهم يمزج بين القضيتين وبعضهم يفصل بين القضيتين.
وللعلم أنه رغم وجود اختلافات في الرؤى منذ البداية إلا إنه كانت هناك جهود لإحداث تقارب بين وجهات النظر ولكن مع مرور الوقت بدل التوافق والاتفاق ازدادت الهوة واتسعت وأدت الى ظهور توجهات مختلفة. وهذا الأمر إن اتفقنا معه أو اختلفنا فإنه أصبح واقعا ويمكننا طرح آراءنا بصددها ونقد جوانبه التي نراها خاطئة والسعي لتصحيح المسار العام نظرا لحساسية ومصيرية المرحلة، ومن لا يع هذه الحساسية والمصيرية في المرحلة الراهنة فإنه يتغابى سياسيا والحجة لن تكون مقنعة للجماهير فالشعب أصبح يعي ويفهم قضيته أكثر من أية مرحلة سابقة.
التوجه الأول ضمن الشارع الكردي هو توجه واصرار بعض التنسيقيات الشبابية (وليس جميعها) على رفض الخصوصية الكردية وربط مصير الشعب الكردي كاملا بتوجه قسم من المعارضة الممثلة بالمجلس الوطني (استنبول) ويرفض الحديث عن القضية الكردية ويعبرون عن آرائهم بهذا الصدد: لنترك هذا الموضوع الى ما بعد الثورة وهنا يتبادر الى الأذهان كثير من الاسئلة: ما هو الدور التركي في بقاء المجلس رافضا للحقوق الكردية؟!!! لماذا لا ترى هذه المجموعات حقيقة إنكار القضية والحقوق الكردية من قبل المجلس؟! كيف يمكن لأطراف ترفض وجودك القومي وهي في المعارضة الآن أن تتقبلها غدا إن أصبحت في السلطة (حسب مطامحهم)؟!!! وحقيقة تصرفات هذا القسم من التنسيقيات خلال الفترة الماضية وذهاب قسم منهم الى تركيا وتلقي تدريبات خاصة وحصولهم على إمكانيات (مادية واعلامية) جعلهم يغوصون أكثر في ابتعادهم عن حقيقتهم الكردية وانجرارهم إلى سياسات تعادي الشعب الكردي وقضيته في كثير من الأحيان، لدرجة أصبحوا أبواقا تشهر بالحركة الكردية بدون وجود أدلة على ادعاءاتهم التي لا تخدم أحد سوى أعداء الشعب الكردي.
التوجه الثاني هو توجه الأحزاب الكردية المجتمعة ضمن "المؤتمر الوطني الكردي" وهؤلاء لم تكن لهم توجهات صريحة وواضحة سواء بصدد كيفية التعامل مع القضية الكردية أو مع الانتفاضة السورية منذ البداية لأنهم اتخذوا (البراغماتية) إن جاز التعبير أسلوبا في ممارسة السياسة ولهذا تقلبت تصريحاتهم وسياساتهم مع مرور الوقت وهم لحد الآن لا يتفقون على صيغة حل واضحة للقضية الكردية ومصطلح "حق تقرير المصير" الذي اتفقوا عليه جاء كحل وسط و توافقي بينهم وهذا الادعاء عبر عنه عدد من أعضاء المؤتمر بشكل صريح وفي أكثر من مناسبة.
مهما يكن فان مساعي تحقيق الوحدة الوطنية الكردية أمر هام ومصيري وما يزال يحافظ على حيويته ليس بالنسبة لشعبنا في غرب كردستان فقط بل بالنسبة لكافة أجزاء كردستان، ولكن عمليا التوجه الظاهر ضمن مجموع الأحزاب المدعومة من هولير يعمل على الالتفاف على حقيقة وجود حركة شعبية عارمة تدعم مجلس الشعب في غرب كردستان وسوريا وتسير على نهجه وفكره وان هذا المجلس يحتوي على منظمات سياسية ومدنية واجتماعية وثقافية تفوق شعبيتها الكثير من الاحزاب، لذا كل من يسعى لتحقيق الوحدة عليه التعامل مع الحقائق وليس انكارها والالتفاف عليها وهذه ايضا مساعي لها تأثيرات سلبية على الشارع الكردي.
التوجه الثالث ويرتبط بتوجه مجلس الشعب في غرب كردستان وسوريا وهذا التوجه موجود منذ البداية وبدأ العمل بشكل صريح وواضح وتعامل مع الاحداث بموضوعية حيث ربط حل القضية الكردية مع تحقيق الديمقراطية في سوريا ,على كل حال ان الادعاء بإمكانية تحقيق الديمقراطية في سوريا بدون حل القضية الكردية ينم عن الكثير من الخداع للذات وللغير. لهذا نرى ان العمل الجاد الذي تم ويتم بشكل عملي من قبل المجلس حيث تنظيم الجماهير الكردية وتحقيق امال المجتمع الكردي في انشاء نظامه الخاص به من خلال اتباع نهج ديمقراطي في تنظيم الذات في كافة الميادين الحياتية وفي كل اماكن تواجد الكرد, مع التأكيد على امكانية تحقيق الوحدة الكردية بدون اقصاء او مراوغة والتعامل الايجابي مع الحقائق ، والعمل على تحقيق الحل الديمقراطي للقضية السورية من خلال المشاركة الفعالة ضمن المعارضة السورية .
وبالنسبة للديمقراطية فلا يمكن ان تتحقق بالشعارات بل تتطلب تهيئة الذهنية لتقبل المفاهيم الديمقراطية سواء بين العرب او الكرد او غيرهم , وهذا عبء كبير يحمله مجلس الشعب في غرب كردستان وسوريا, ومن يدعي انه ديمقراطي يمكنه المساهمة بهذا الشكل او ذاك في تطوير هذا النضال من خلال المشاركة الفعالة وليس الاكتفاء بالنظر والتعليق