كوابيس الحاضر تهزمها احلام المستقبل

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 5 سنة 26 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 25/04/2012

ادركت الانظمة المتعاقبة على دفة الحكم في سوريا مدى اهمية وخطورة وجود حزب كوردي يمثل الارادة الشعبية ويسعى لتحقيق امانيها القومية .
ولذلك سعت هذه الانظمة بكل ما اوتيت من سطوة وقوة من كبح جماح مسيرة الشعب النضالية , من خلال قمع كل نشاط سياسي ومنع تداول كل ما يمت الى الهوية الكوردية بصلة
ولعل اكبر الاخطار والهواجس التي كان اعداء الكورد يتحسبون لها هي تلك الّلحمة الوطنية والتراص الشعبي والتفاف الجماهير الكوردية حول حزبهم الوليد . لكن تلك الهواجس لم تدم مع الاسف طويلا بمجرد انقسام الحزب على نفسه وبروز ثلاثة تيارات مختلفة... ولا شك ان السلطات تنفست الصعداء حينها , لأن وجود حزب واحد تلتف حوله معظم الجماهير كان يشكل الخطر الحقيقي على مصالح وسياسات الانظمة الشوفينية الحاكمة..
بدأت السلطات تدرك مدى اهمية تشرذم وتشتت القوى الكوردية , فسخّرت كل امكاناتها في سبيل الامعان في تمزيق جسم الحركة من خلال سياسة كان يسميها سكرتير البارتي الراحل الاستاذ كمال احمد درويش بسياسة ( فك وتركيب الاحزاب) كوسيلة مجدية لعرقلة مسيرة اي نشاط سياسي معارض لسياسات تلك الانظمة ومناضل في سبيل الحقوق والاهداف المشروعة , , وانطبق ذلك ايضا على الاحزاب غير الكوردية ايضا... فهنا يقع انشقاق مفاجىء في حزب ما ليتبعه تحالف بين الجماعة المنشقة وغيرها من الجماعات المنافسة للحزب الام الذي انشقت عنه الجماعة , او بالتحالف مع جماعة منشقة اخرى. . واستمرت الحالة على هذا المنوال الى يومنا هذا , حتى بلغ عدد الاحزاب المنشقة عددا لا يمكن احصاؤه. لان تشكيل الاحزاب لم يعد يخضع لأية ضوابط او معايير يمكن الاعتماد عليها .. وهو اي تشكيل حزب ما في حد ذاته عملية سهلة لا تتطلب مهارات او امكانيات استثنائية, خاصة بعد توفر التكنولوجيا والانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي... رغم كونها غالبا لا تشكل وزنا يذكر على الساحة السياسة العامة بل مجرد رقم اضافي لتعداد الاحزاب الكوردية .. فبعض هذه التنظيمات لا يتجاوز عدد افراده اصابع اليد الواحدة... وهذه حقيقة وليست مبالغة. ولايخفى على احد ان هذا الكم الهائل من الاحزاب والتنظيمات الكوردية بات موضع تندّر ابناء شعبنا ومثارا للسخرية والاستهجان معا.
هذا الوضع المأساوي للحركة الكوردية أدّى الى نشوء حالة الياس والقنوط التي عايشناها ونعيشها جميعا بطريقة او ما..و باتت اعدادا كبيرة من اعضاء التنظيمات الكوردية تفضل العزوف عن الاستمرار في العمل الحزبي فتصبح بذلك خارج الحراك السياسي الذي يعتمد اساسا عليهم كافراد...وبذلك تم اهدار الكثير من الطاقات البشرية المثمرة وتحييدها جانبا , الامر الذي يشكل بحد ذاته خسارة كبرى لمجمل هذا الحراك وعلى كافة الاصعدة.
مع انطلاق الثورة السورية وجنوح معظم الاحزاب الكوردية الى الخيار السلمي في معرض مشاركتها في هذه الثورة... استفادت بعض التنظيمات من علاقاتها القديمة مع السلطة, فتمكنت من فرض سيطرتها العسكرية على الساحة الكوردية اما بالاتفاق مع النظام او بدونه , ثم ما لبثت بعض الاحزاب الضعيفة ان انضوت تحت جناح هذه القوى اما بحكم مواقفها المرنة مسبقا مع النظام ام بحكم ضعفها ورغبتها في الأستقواء بالآخر تعزيزا لمكانتها المتأرجحة اصلا.. فنشأ بذلك تياران رئيسيان على الساحة السياسية الكوردية اولهما:
تيار متهم بالتعاون مع النظام , اسندت له بحسب خصومه مهام محددة منها , كبح جماح الشارع الكوردي المطالب بالفيدرالية , والتصدي للجيش الحر عند اية محاولة منه لدخول المناطق الكوردية وفرض سيطرتها على تلك المناطق , حيث يعتقد ان السلطة اطلقت يدها في كل الامور الامنية والعسكرية وحتى الاقتصادية .. وهذا التيار تتبعه مجموعة من الاحزاب الصغيرة التي تتخذ موقفا محايدا من النظام وتأتمر بأوامر هذه القوة. وهذا التيار الذي يتصدره حزب الاتحاد الديموقراطي , يتميز بالتماسك والانضباط والخضوع الاعمى للأوامر .
اما التيار الاخر فهو تيار يضم احزابا متنوعة , يحظى بزخم وتأييد جماهيري معقولين ويتمتع كذلك بدعم معنوي كبير من حكومة اقليم كوردستان وهو تيار يسلك النهج السلمي في مشاركته في الثورة السورية ويدعو الى اقامة الفيدرالية لكنه لا يستطيع التحرك والاستعداد لهذا الهدف ( خاصة من الناحية العسكرية) بفعل سيطرة اتباع التيار الأول على الاوضاع وتحكمهم فيها .. ورغم اعلان هذه الاحزاب عن التحالفات وتشكيل بعض الاتحادات فيما بينها الا انها بقيت ضعيفة بالنظر الى طبيعة الوضع الذي باتت فيه لغة القوة والسلاح هي السائدة..
ومن المفارقات العجيبة ان يستمر فيها كلا التيارين او ما يمكن تسميتهم ب (الاخوة الاعداء ) في المشاركة ما يسمى بالهيئة الكوردية العليا وفي المجلس الوطني الكوردي بعد كل تلك الانتقادات والاتهامات والخروقات التي يتهم بها كل طرف , الطرف الآخر. لكن ما يلوح في الافق يشير الى ان بريق اتفاقية هولير بات يخبو وان وجود الهيئة الكوردية العليا برمته بات مهددا بالزوال وكذلك مستقبل المجلس الوطني الكوردي برمته.
امام هذا الواقع المقلق والصورة القاتمة للوضع الكوردي عامة وبوادر المستقبل المنذر بالتوتر وعدم الاستقرار فانه يترتب على كل كوردي مخلص لشعبه ولقضيته المشروعة ان يبحث عن حلول عملية وواقعية لهذه المعضلة.. حلولا ترضي كلا التيارين بحيث لا يغبن حق احدهما في نيل شرف المساهمة في بناء المستقبل الواعد الذي يحلم به كل كوردي مهتم بقضيته القومية والوطنية والتي بذل شعبنا الكوردي في سبيلها كل غال ونفيس .
ولعل من اهم اسباب وعوامل ترميم الصدع والشرخ الكبير في البيت الكوردي في هذه الظروف الاستثنائية حسب وجهة نظري المتواضعة والتي ضمنتها في هذه الوثيقة , والتي قد تبدو في بعض فقراتها( ظاهريا) من الاجراءات الدستورية او مما يقع ضمن اطار الدستور وتخصصه , لكنها بكل حال تصلح لأن تكون وثيقة للمناقشة والجدل ولنعتبرها اقتراحا مفتوحا لكل ابناء شعبنا المهتمين بالشأن السياسي والطامحين الى الاتيان بوضع افضل لنا جميعا (واتمنى ان يساهم اكبر عدد ممكن بما يراه مناسبا في هذا المجال وان يدلي برأيه ايضا).. ومن هذه العوامل والخطوات التي يتوجب اتخاذها ما يلي:
1- يجب اولا وقبل كل شيء التخلص من داء السرطان المتفشي في جسم الحركة , وذلك بقطع الطريق امام تكاثر الاحزاب واشباهها بسبب او بدون سبب. وذلك بتنظيم وتقنين نشوء وتأسيس الأحزاب والتنظيمات من خلال تشكيل لجنة قانونية محايدة من ذوي الخبرة تساهم في تشكيلها شخصيات محايدة ونزيهة من اجزاء كوردستان الاربعة , مهمتها صياغة قانون مؤقت ,خاص بتشكيل الاحزاب في المناطق الكوردية وربما قانون اصدار المطبوعات وكل ما يتعلق بالاعلام المكتوب والمسموع والمرئي.
وبذلك يترتب على كل حزب موجود اصلا او على وشك الانشاء التقدم بطلب الترخيص للهيئات المختصة التي يتم تشكيلها بناء على ما تنص عليه بنود قانون تشكيل الاحزاب وبعد ان يكون قد استكمل كافة الشروط القانونية التي قامت اللجنة المذكورة آنفا بوضعها.ومن البديهي ان يكون من حق كل مكونات المجتمع المختلفة التقدم بطلبات الترخيص لتأسيس للاحزاب واصدار المطبوعات وغيرها.
2- تشكيل هيئة وطنية منتخبة باشراف اطراف كوردستانية محايدة و تضم ممثلين عن كافة الاحزاب ( المرخصة) تنبثق عنها ثلاثة مجالس او سلطات ( تنفيذية , تشريعية وقضائية) مستقلة عن بعضها البعض عملا بمبدأ فصل السلطات. على ان يتم انتخاب المجلس التشريعي بالانتخاب المباشر .ويتم تشكيل قوة عسكرية وأمنية من كافة الاحزاب التي حازت على الترخيص القانوني على ان يقع تشكيلها على عاتق اللجنة التنفيذية ( السلطة التنفيذية).
3- .ايجاد رؤية مشتركة بين كافة الاطراف الكوردية حول شكل سوريا الجديدة وخاصة فيما يتعلق بوضع المناطق الكوردية , فمن باب اولى ان تتفق هذه الاطراف اولا على هذه المسألة, قبل ان تطالب المعارضة العربية بالانصياع الى مطالبها رغم شرعية هذه المطالب.
4- اتخاذ اولى خطوات حسن النية من قبل قوات ال ب ي د, وذلك باطلاق سراح كافة المعتقلين والمحتجزين والكشف عن مصير المخطوفين وايقاف الحروب الاعلامية بين كافة الاطراف واعتماد اسلوب النقد البناء والحوار الأخوي في معالجة الخلافات , وعدم تأجيج الصراعات التي تصب دائما وابدا في خدمة الاعداء.
5- بناء جسور الثقة والتعاون مع اطراف المعارضة الأخرى والتي لا تتنكر لحقوق ومطالب شعبنا , والمساهمة بفعالية في الثورة السورية وذلك بالشروع بتطهير المناطق الكوردية من بقايا النظام الفاشي وتحريرها من قواته واتباعه وشبيحته ليتسنى لنا ادارتها وفق معطيات المرحلة الجديدة , وضمانة استقلالية القرار الكوردي في هذا الشأن
6- على الاطراف التي لها علاقات مع النظام المجرم قطع كل صلة معه والذي لا يهدف الا الى خلق صراع كوردي - كوردي , وعدم المراهنة عليه تحت اية ذريعة كانت.

لاشك ان هذه الرؤية تحتاج الى الكثير من البحث والمناقشة واعادة تلاتيب الأولويات , للوصول الى افضل صيغة تضمن ولو جزئيا ايجاد الحلول المناسبة للمعضلة الكوردية , ولا شك ايضا بانها تحتاج الى الكثير من الاضافات والتعديلات ... فلنساهم جميعا بآراءنا بهذا الصدد.. فان لكل رأي قيمة ووزنا.. فلا تترددوا في المبادرة والمساهمة....
شيركوه كنعان عكيد النرويج 23.05.2013

شيركوه كنعان عكيد