كن ورعا ... تكن أعبد الناس !!

رد واحد [اخر رد]
User offline. Last seen 17 سنة 4 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 13/09/2006

بسم الله الرحمن الرحيم
هل تحب أن تكون من جلساء الله يوم القيامة؟ بلى إنك لتحب ذلك، إنه لمقام عظيم، ولكن أنى لنا أن نصل إلى هذه المكانة السامقة.. وهل من اليسير أن نرتقي هذه القمة؟!
الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه أضاء لك المشعل ورفعه عاليا للناظرين فقال: جلساء الله غدا أهل الورع والزهد..
الورع الذي يطهر القلب من الأدران، ويصفي النفس من الزبد.. الورع الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "كن ورعا تكن أعبد الناس". وقال: "فضل العلم أحب إليّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع" .
وقالت عائشة : إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة .. الورع.
وسئل الحسن: ما تقول في الورع؟ قال: ذاك رأس الأمر كله.
وقال عيسى عليه السلام: "لو صليتم حتى تصيروا مثل الحنايا، وصمتم حتى تكونوا أمثال الأوتاد، وجرى من أعينكم الدمع أمثال الأنهار، ما أدركتم ما عند الله إلى بورع صادق..

فما هو الورع إذًا؟
قالوا : الورع أخذ الحلال الصرف، وترك كل ما فيه شبهة.
قال الفضيل : "من عرف ما يدخل جوفه كتب عند الله صديقا". وقال سهل التستري: "من أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى، ومن أكل الحرام عصى الله شاء أم أبى".

وقال يونس بن عبيد: الورع.. الخروج من كل شبهة، ومحاسبة النفس كل طرفة عين.
قال الصحابة : كنا ندع سبعين بابا من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام.

والورع ظاهر وباطن: فالظاهر: ألا تتحرك إلا إلى الله، والباطن ألا تدخل قلبك سواه
كيف الطريق للورع؟
هو يسير لمن يسره الله عليه، يقول سفيان الثوري: ما رأيت أسهل من الورع! ما حاك في نفسك فاتركه..
لقد اقتبس سفيان هذا المعنى من مشكاة النبوة، ففي حديث البر والإثم : " والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس".
وقد جمع رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الورع في كلمة واحدة فيما رواه الترمذي عن أَبِي هُرَيْرَةَ حيث قَال: "مِنْ حُسْنِ إِسلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ" . فالورع ترك ما لا يعني المرء.. وهذا يعم الترك لما لا يعني: من الكلام والنظر والاستماع والبطش و و و .. فهذه الكلمة كافية شافية في الورع .

ويبين عليه الصلاة السلام هذا المعنى بتعبير أوضح عن طريق ضرب المثل لكي يترسخ المعنى المراد في الذهن ففيما رواه مسلم في صحيحه عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الْحلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ألا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ألا وَهِيَ الْقَلْبُ .
فصيانة الدين والعرض وصلاح القلب بترك الأمور المشتبهات، وهي المسائل التي ليست بواضحة الحل والحرمة فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ولا يعلمون حكمها، وأما العلماء فيعرفون حكمها.

وبين عليه الصلاة والسلام أن للملوك أماكن يحمونها عن الناس ويمنعونهم من دخولها، فمن دخلها يعرض نفسه للعقوبة، فمن احتاط نأى بنفسه عن مقاربة حماهم، ولله عز وجل حمى وهي المعاصي والمحرمات فمن ارتكب المحرمات استحق العقوبة، ومن احتاط لنفسه لا يقرب المحرمات، ولا يتعلق بأمر يقربه من المعصية ولا يدخل في شيء من الشبهات.
لذا فإن ميمون بن مهران يقول كما ذكر عنه الإمام أحمد في كتاب الورع: (لا يتم للرجل الحلال حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال).. ولهذا السبب كان الصحابة رضوان الله عليهم يتركون أبوابا كثيرة من الحلال خوفا من الوقوع في شيء من الحرام.

الرسول الأمين يربي
روى الشيخان عن أبي هريرة : أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كخ كخ ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة".وعند البخاري: "مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق، قال: لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها ."
الصحابة يعلِّمون
روى البخاري: عن أنس قال: إنكم لتعملون أعمالاً، هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات.
يقول هذا وهو يخاطب جيل التابعين، فبالله عليكم ماذا يقول لو رأى جيلنا؟!

وروى البخاري أيضا: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده، فقاء كل شيء في بطنه.
وفي بعض الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم لما أخبر بذلك قال : أو ما علمتم أن الصديق لا يدخل جوفه إلا طيبا .
وفي الإحياء : ثم قال : اللهم إني أعتذر إليك مما حملت العروق وخالط الأمعاء
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن سيرين قال : لم أعلم أحدا استقاء من طعام أكله غير أبي بكر. أرأيتم إلى ورع الصديق رضي الله عنه!!

وقال عمر رضي الله عنه تركنا تسعة أعشار الحلال مخافة الربا.
وذكرالإمام أحمد في الزهد قال : "قدم على عمر مسك وعنبر من البحرين فقال عمر: والله لوددت أني وجدت امرأة حسنة الوزن تزن لي هذا الطيب حتى أقسمه بين المسلمين، فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: أنا جيدة الوزن فهلم أزن لك! قال: لا، قالت: لم؟ قال: إني أخشى أن تأخذيه فتجعليه هكذا - أدخل أصابعه في صدغيه - وتمسحين به عنقك فأصبت فضلا على المسلمين".. هكذا يضرب المثل لكل من أراد أن يقتدي.
أخواني لعلي قد أطلت عليكم بعض الشيئوفي الختام أقولكن ورعا ... تكن أعبد الناس !!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركانه

User offline. Last seen 4 سنة 5 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 07/08/2006

الله يجزيك كل خير اخي سكفان