الغضب عدو القلب

رد واحد [اخر رد]
User offline. Last seen 12 سنة 44 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 09/06/2007

رزان طالبة في نهاية المرحلة الثانوية، طلبت من أمها إذناً لزيارة صديقتها كي تذاكرا دروسهما معاً، لكن الأم رفضت طلب ابنتها، فانفجرت الأخيرة غاضبة.

أحمد مدرس، تناهى إلى سمعه أن المدير طلب نقله إلى مدرسة أخرى بعيدة من مركز سكنه، فأخذ يعاني من الصداع وأصيب بارتفاع ضغط الدم، وعندما فحصه الطبيب تبين له أن معاناته تعود إلى نوبات الغضب الصامتة لديه منذ ترددت إشاعات عن نقله إلى مدرسة أخرى.

سعيد أب لأربعة أطفال، وهو معروف بنوبات السخط المتكررة التي لا ترحم أحداً من أفراد عائلته، إلى درجة أنه كثيراً ما يرفع يده ليضرب بها بقسوة كل من يقف في وجهه في المنزل، فكانت النهاية تدهور الأحوال والطلاق.

سمير طفل في الثالثة من عمره، عندما يريد شيئاً من والدته ولا يتم تلبيته في الحال، يبدأ بالصراخ والبكاء، ولا يتوانى عن إلقاء نفسه على الأرض وضرب رأسه حتى في الأماكن العامة، فتكون النتيجة أن تغضب الأم أيضاً، من دون ان تضبط أعصابها، وسرعان ما تلبي طلب ابنها لإسكاته لستر ماء الوجه أمام أعين الآخرين...

سمير مهندس يعمل في شركة كبيرة، كل من عمل معه يشهد أنه دمث الأخلاق، جاد، ويقوم بواجبه على أحسن ما يرام، لكنه فجأة، يتقاعس ويتغيب عن عمله، وأخذت تبدر عنه تصرفات فظة، مع مرؤوسيه ورفاقه. أمام هذا الوضع طلب منه مديره أن يستشير طبيباً نفسياً، فجاءت النتيجة لتوضح ان لب المشكلة عند سمير هي التعليقات المبطنة التي كانت ترمى على مسامعه من قبل زملائه، فأثارت لديه غضباً مكبوتاً تراكم في صدره على ان أتى اليوم الذي طفح فيه الكيل.

رامي سائق سيارة دخل إلى المحطة لتعبئة خزان وقود سيارته، وبعد انتظار طويل جاءه عامل المحطة ليقول له ان الوقود نفد، فما كان منه إلا ان اشتاط غضباً، وبدأ بالسباب صاباً جم غضبه على العامل الذي لا ناقة له ولا جمل في ما حصل.

هذه النماذج غيض من فيض صور الغضب الذي يأخذ أشكالاً شتى، ويصدر عن أصحابه بدرجات تختلف في حدتها تبعاً للحال النفسية التي يكون فيها الشخص لحظة الغضب.

الغضب شيء طبيعي، فهو نوع من العاطفة الجياشة التي ترافقها تغيرات فيزيولوجية وبيولوجية قد تبقى خفية، أو تتظاهر بعوارض مختلفة مثل زيادة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، والرعشة، وتضيّق حدقة العين، وقصر النفس، وانشداد العضلات، وسرعة الكلام والحركة، والسلوك العدواني، والكآبة، والقلق، والأرق، والتذمر المستمر، والإمساك، ومشاكل جنسية وغيرها.

يؤثر الغضب أكثر ما يؤثر في القلب الذي يُجبر على العمل قسراً، فيقوم بضخ كميات كبيرة من الدم عبر الأوعية الدموية، ما يشجع على الإصابة بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين الذي يؤدي، عاجلاً أم آجلاً، إلى حدوث أزمات قلبية أو دماغية. وقد أكدت دراسات عدة ان الغضب المتكرر يعرض أصحابه للكثير من الأضرار، ويؤدي إلى قصف الأعمار.

وتنتاب الشخص الذي يتعرض للغضب مشاعر سلبية: مثل السخط والإثارة، والاستيلاء والعدوانية، والعصبية، والرغبة في الانتقام، والغطرسة، والبغضاء، وغيرها من المشاعر التي تنم عن عدم الرضا من سبب ما، أم بالأحرى من موقف ما تعرض له.

وأسباب الغضب كثيرة، فقد تعود إلى شخصٍ ما (زميل، رئيس، الزوجة، أحد أفراد العائلة...)، أو موقف ما (أزمة مرور، إلغاء موعد)، أو انحرافٍ في الصحة، أو قد يكون السبب بكل بساطة الإرهاق، أو الألم، أو الجوع، أو الفشل في ممارسة الجنس، ولا يغيب عن البال العامل الوراثي الذي يلعب دوراً في نشوء الغضب عند بعض الأشخاص.

والغضب لا يشاهد عند الكبار وحسب، بل يطاول الصغار أيضاً، وهؤلاء يعبّرون عنه إما بتعابير لفظية، أو بالحركات، أو بميول عدوانية يصعب السيطرة عليها أحياناً. فالرضيع مثلاً يتلوى غضباً عندما يرى زجاجة الحليب التي لم تقدم له.

والطفل، يستشيط غيظاً عندما يجبر على القيام بشيء ما، أو عندما تصدر له الأوامر لفعل هذا والامتناع عن ذاك، أو عندما يحرم من اللعبة التي يحبها، وغضب الطفل قد يكون إيجابياً لا خطر منه، أو بالعكس قد يكون سلبياً، وهذا يجب أخذه بالحسبان لأنه قد يؤدي إلى مشاكل عائلية واجتماعية ودراسية. إن الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين سنتين وأربع سنوات، هم من أكثر الفئات العمرية تعرضاً للغضب، بسبب كثرة التذمر وعدم الانصياع للأوامر.

ما العمل لتدبير الغضب؟

لا شك في ان هناك أشخاصاً أكثر تعرضاً من غيرهم لفورات الغضب، وكما تشير بعض الدراسات، هناك عوامل وراثية تدلي بدلوها. طبعاً هناك أشخاص يعبّرون عن غضبهم بصراحة إلى درجة انهم قد يقذفون بالأشياء تعبيراً عنه، في حين أن آخرين يكبتون في داخلهم مع أنهم يتآكلون في أعماقهم من شدة الغضب والاستياء. هل يفهم مما تقدم أنه يجب التنفيس عن الغضب بالطريقة التي تروق لصاحبها؟

الجواب كلا، فالتعبير عن الغضب بالوسيلة التي يراها الشخص الغاضب مناسبة له لتفريغ فورة غضبه أمر مرفوض وكل من ينادي بهذا إنما يصب الزيت على النار، فالمصاب قد يستعمل غضبه حجة لإلحاق الضرر بالآخرين حتى لأقرب المقربين إليه، هذا إن لم يتفاقم الغضب مؤدياً إلى عواقب وخيمة، لا يمكن إصلاحها. ان خير ما يمكن عمله لكبح جماح الغضب وهو العمل. بالإرشادات الآتية:

1- اكتشاف السبب الذي يثير الغضب من أجل تحييده وبالتالي تحاشي الآثار المتأتية عنه. ان الغاضبين غالباً ما يفجرون ثوراتهم في الوقت غير المناسب، ولأسباب لا تمت بصلة إلى السبب الفعلي الذي يقف وراء الغضب، لذلك فإن إلقاء الضوء على هذا السبب يشكل الخطوة الرئيسة لإجهاض غضب لا مبرر له.

2- تطوير الإستراتيجية المناسبة التي تسمح بالسيطرة على نوبة الغضب، مثل ممارسة الاسترخاء، والتنفس بعمق، وتخيّل بعض التجارب اللطيفة التي تساعد على تهدئة النفس، والقيام ببعض تمارين اليوغا.

3- التعبير عن الغضب شفوياً، فالغضب المكبوت والمتراكم الذي يعجز صاحبه عن الإفصاح عنه، يعتبر قنبلة موقوتة لا تلبث ان تنفجر مسببة أشد الضرر بالغاضب والمحيطين به. ان الإعلان الشفوي عن الغضب يساعد كثيراً في تخفيف حدته وفي إيجاد الحل المناسب له. وفي حال فشل المرء في التعبير عن غضبه بصورة جريئة ومباشرة، عليه ان يستقصي حلولاً أخرى، مثل الانصراف إلى ممارسة هوايات نافعة من شأنها أن تخفف من حدة مثيرات الغضب، وأن تقوي التوازن النفسي الذي يجعل الشخص محصناً ضد فورات الغضب.

4- تسخير الغضب لحل القضايا الصغيرة والكبيرة. فالغضب يمكن أن يكون محموداً وليس دائماً سلبياً، وفي هذا الإطار أفادت دراسة أن اتخاذ القرارات تحت تأثير الغضب، لا يؤدي دوماً إلى نتائج سيئة، بل قد يجعل الإنسان يفكر بطريقة تحليلية وعقلانية سليمة جداً.

أما الغضب السلبي الذي لا تنفع معه الحلول السابقة، والذي يدمر حياة صاحبه، ويؤثر في علاقاته بالآخرين، فهذا يجب علاجه بإشراف طبيب نفسي لا تخفى عليه الوسائل المناسبة لوضع حد له، ومن أهمها فن إدارة الغضب، وفن التعامل مع العوامل الضاغطة.

كلنا تحت السماء

User offline. Last seen 12 سنة 7 ساعات ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 08/04/2005

الحكيم من استطاع ان يمسك نفسه عند الغضب ويجب ان نعرف كيف نواجه المواقف التي تتطلب التروي
حتى لانندم على ما تصرفنا