حوار مع الكاتبة المبدعة ديا جوان

رد واحد [اخر رد]
User offline. Last seen 13 سنة 35 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 02/04/2007

جميل داري

ديا جوان .. امرأة عصامية تمتشق جرحها المزمن و تمتطي صهوة الكلمة لتحوك من خيوط الألم راية الوطن المطعون بالدسيسة و البؤس .
جناحاها الشعر و النثر .. بهما تحلق في سماء الإبداع و توغل في جسد الحرية المسجى .
تكتب بلغة كردية دافئة حينا و ناتئة جارحة أحيانا , حيث أنها ابنة الجبل الأشم ووريثة الحجل الممعن في الطيران إلى جهات الروح النابضة بخرير الأمل .
في دمشق قرب قاسيون حيث بيتها , استمعت إليها تقرأ الجديد من شعرها الذي كنا نترجمه – أنا و هي – لأصدقائنا العرب الذين أعجبوا بموهبتها و جرأتها في الدفاع عن كل ما هو جميل .
و هذا الحوار يميط اللثام قليلا عن شخصية ديا جوان المضرجة بالوطن و الحياة .. و الخارجة توا من جحيم الكلمات .
* الكاتبة و الشاعرة ديا جوان لماذا تكتبين ؟
- بصراحة لم أسال نفسي يوما هذا السؤال .. أعترف لك بعد ربع قرن من عمري الأدبي .. لم يسبق لأحد أن سألني هذا السؤال .. أعتقد جازمة أن سؤالك هذا من الأسئلة التي يصعب الجواب عنها .. هل بإمكان المرء أن يسأل النبع لماذا ينفجر ماؤه . و إنني لا أجد خيرا من قول (( رامبو )) في هذا الخصوص حيث يقول :
(( أنا لا أكتب بل يملى علي )) .
* أين تجدين نفسك أكثر في القصة أم في الشعر ؟
- في الحقيقة الإبداع هو الإبداع تحت أي اسم كان .. أنا أشبه الأجناس الأدبية بأفراد أسرة واحدة لكل منها شكل و لون قد يختلف في مظهره و لكن يتفق في مضمونه و أهدافه .. و أما بالنسبة لي فقد حاولت أن أتناول اللونين معا في كتاباتي , و لكن الشعر يشدني نحوه بقوة على الدوام .
* في مجموعتك القصصية – باز بند (( الحجاب )) تصوير أليم لواقع المرأة الكردية .. في مجتمعاتنا .. هل تستطيعين تلخيص هذا الواقع ؟
- عندما يقع الظلم في أي مجتمع كان .. المرأة تحصل على النصيب الأكبر من هذا الظلم , و في ظروف استثنائية كظروف الشعب الكردي , المرأة تعيش فيه قهرا مزدوجا .. قهر عام تقاسم فيه المجتمع ككل , و قهر خاص بالمرأة يتمثل في واقع مرير ناجم عن كون المجتمع مجتمعا ذكوريا بكل أبعاده .. و لكن على الرغم من ذلك إنني متفائلة بمستقبل زاهر للمرأة الكردية . لأن لها خصوصية تاريخية , و هذه الخصوصية تحفزها على أن تحتل مكانة تليق بها , لأن حضارة الشعوب و ما تتضمن في طياتها لا تمحى و لا تندثر بسهولة .
* هناك كتاب أكراد يكتبون بالعربية .. ما نصيحتك لهم ؟
- أعتقد أن المشكلة ليست باللغة بل إنها بالروح .. أعترف لك أنني كنت قاسية في حكمي على هؤلاء الكتاب بعض الشيء فيما مضى .. و لكن أدركت اليوم ان المشكلة لا تكمن باللغة التي يكتبون بها فحسب , بل في الأحاسيس و المواقف .. فلا أجد هنا مثالا و خير شاهد إلا الكاتب الكبير سليم بركات – لتوضيح ما أصبو إليه – هذا الكاتب يكتب باللغة العربية منذ بدايته و حتى الآن , و المكتبات العربية تضج بأعماله القيمة , و يحتل الآن مكانة مرموقة في عالم الأدب , نكاد نقول على المستوى العالمي .. و على الرغم من ذلك كل أعماله تمطر كردية , بكب ما تحمل هذه الكلمة من معنى .. و بشكل أوضح إن هذا الكاتب استطاع أن يجيب عن كل الأسئلة التي تدور في ذهن القارئ الكردي .
* ديا جوان هل لاقت أعمالك الأدبية صدى عند الناس و الإعلام ؟
- أشكرك على هذا السؤال الذي يفسح لي مجالا لأرد بعضا من جمائل الناس علي .. في الحقيقة لم أحصد سوى الثناء و التقدير و المحبة من المجتمع الكردي و العربي على حد سواء .. و لكي أكون أمينة يجب علي أن أشكر المجتمع و الإعلام – لأنه دللني كثيرا و رفع من شأني حتى ظننت أنه أعطاني و ما زال يعطيني أكثر مما أستحق – أن كل من حولي من القراء و النقاد و الأدباء أخذوا بيدي وهم دائمو السؤال عني و عن أخباري الأدبية , و لم ألتمس منهم يوما سوى التشجيع و صدق المشاعر النبيلة .
* يقول الإيطاليون (( الترجمة خيانة )) إلى أي مدى يصح هذا القول على ترجمة أعمالك من الكردية إلى العربية ؟
- أنا لا أؤيد هذا القول ..الترجمة في نظري هي للثقافة ثراء و غناء .. لكل لغة خصوصية و عبق خاص .. وهذا العبق غير قابل للترجمة من لغة إلى أخرى , و لكن على الرغم من ذلك فإن للترجمة فضلا كبيرا على التواصل و التعارف في حضارات الشعوب و الأمم .. و أما بالنسبة لأعمالي التي ترجمت من الكردية إلى العربية , فقد كانت بمثابة نقلة نوعية في حياتي الأدبية , و أقل ما يمكن قوله .. إن المترجم توفيق الحسيني أزاح حاجز اللغة بيني و بين القارئ العربي .
* قضايا ثلاث تنوء بحملها الجبال كيف لامرأة مثلك أن تحمل هموم القومية و الإنسانية و الحرية في عالم فظ مكتظ بإراقة الجمال و إبادة الحلم ؟
- الإنسان لا يصنع قدره و لا يختار أبويه و بيئته .. كان قدري أن أولد كردية أن أنشأ و أترعرع في حضن أم لم تجف مقلتاها يوما .. و أنا بدوري عايشت هذا القدر , و لم أحاول التهرب منه على الرغم من ظلمه و جوره .. و لم أنس يوما أنني سليلة شعب لم يدخر لي سوى المقاومة و التصميم على البقاء . و قوة تحمل المرء تكمن في قوة إيمانه بالقضايا التي يناضل من أجلها .
* ديا جوان , ثمة صورة معلقة لك و للشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري , و ثمة قصيدة بعنوان (( حامد بدرخان )) و أخرى بعنوان (( جلادت بدرخان )) , ماذا يعني لك هؤلاء الرجال الثلاثة ؟
- الرجال الثلاثة دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه و أناروا بفكرهم عتمة الحياة و مثل هؤلاء يشعروننا بأننا مدينون لهم مهما تكلمنا عنهم أو كتبنا .. بالنسبة للأمير جلات بدرخان يكفي أن نذكر له أنه أول من وضع الأبجدية الكردية بحروف لاتينية , و أما الشاعر حامد بدرخان .. فأنا أجله من أجل روحة الشفافة في كتاباته حول الإنسان و الإنسانية , و على الرغم من أني لم ألتق به إلا مرة واحدة في مهرجان الشعر الكردي .
أما بالنسبة للشاعر العربي الأكبر محمد مهدي الجواهري , قبل كل شيء كان صديقا كبيرا للشعب الكردي , و كتب أروع القصائد عن الكرد و كردستان .. و معرفتي به و بأسرته بدأت في عام 1995 حيث أجريت معه مقابلة تلفزيونية . و لا تزال علاقتي مع هذه الأسرة النبيلة قائمة .
* في عملك الأدبي تركزين على القضية القومية أكثر من القضايا الطبقية و الاجتماعية , فلماذا هذا الانحياز ؟
- عندما يعاني شعب ما من الاضطهاد لا يكون هناك شيء يشغل مفكريه و مبدعيه سوى إزالة هذا الاضطهاد أولا , و المجتمع الكردي كما تعلم بكافة طبقاته محروم من أبسط حقوقه المشروعة , ثم أنني لا أجد هناك مشكلة طبقية في المجتمع الكردي بمعناها الحقيقي في وقتنا الحالي على الأقل .
* يقول أحمد شوقي :
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
.. ديوانك (( عبرات متمردة )) مرآة تعكس جمالية هذا البيت الذي قاله أيضا شاعر كردي . لماذا هذا التعلق بوطن يتأرجح بين النابالم و المشنقة ؟
- أنا في اعتقادي أن للمرء جنتين , واحدة في الدنيا .. و الثانية في الآخرة , جنة الدنيا هي الوطن . و من لا يستطع أن يحصل على الوطن .. و يهنأ في أحضانه يصعب عليه أن يحصل على الثانية .
* ديا جوان أنت تمثلين المرأة الكردية خير تمثيل في الكرم و الطيبة و البراءة و حب الوطن و عمق الحزن , هل لديك تعليق على هذا الكلام ؟
- الخصال الجميلة التي ذكرتها هي أسمى ما يطمح إليه المرء . أتمنى أن أكون كما ذكرت , و أما حب الوطن .. فعندما يحتل الوطن من قبل الآخرين , فهذا الوطن بدوره يحتل قلوب أبنائه – و أما الحزن الذي تراه أنت و غيرك في ملامحي و في كتاباتي , فإنه حزن ينبت من آلامي المزمنة آلامي تسبق ميلادي .. فأنا سليلة النار .. و العنقاء التي تزهق روح الموت .

أجري هذا الحوار صيف2001ونشر في الصحافة الاماراتيةفي أيلول من العام نفسه

منقول

rojava.net

User offline. Last seen 13 سنة 7 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 08/07/2006

شكرا لك لنقل هذا الحوار اخي الكريم

وهذه بعض الابيات من مجموعتها:
رغم عذاب الغربة ومرارتها
فانني مدينة لها
لانها علمتني
كم الوطن غالي وجميل
جبلية انا
سأصلي لذالك الجبل
الذي لم يرتجف ولم ينحني
لتلك الثلوج والاعاصير
سأصلي لتلك الصخور العاتية
التي لم تدر جباهها لسهام
وقنابل الاعداء
سأصلي لتلك الأودية
التي تحمل بكفنها قسمات الأبطال
سأصلي
لأولئك الأمهات
اللاتي تداوين جروح الوطن

كافحت من أجل العلم،ودفعها العلم نحو عالم الابداع

وستظل ديا جوان المثل الاكبر للمرأة الكردية